الغافلات دون برهان ... إلى آخر وسائل الوقاية والعلاج، ليحفظ الجماعة الإسلامية من التردي والانحلال.
ويختم النهي عن قتل الأولاد وعن الزنا بالنهي عن قتل النفس إلا بالحق: «وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ. وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ، إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً» ..
والإسلام دين الحياة ودين السلام، فقتل النفس عنده كبيرة تلي الشرك باللّه، فاللّه واهب الحياة، وليس لأحد غير اللّه أن يسلبها إلا بإذنه وفي الحدود التي يرسمها. وكل نفس هي حرم لا يمس، وحرام إلا بالحق، وهذا الحق الذي يبيح قتل النفس محدد لا غموض فيه، وليس متروكا للرأي ولا متأثرا بالهوى. وقد جاء في الصحيح عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنِّى رَسُولُ اللَّهِ إِلاَّ بِإِحْدَى ثَلاَثٍ النَّفْسُ بِالنَّفْسِ وَالثَّيِّبُ الزَّانِى، وَالْمَارِقُ مِنَ الدِّينِ التَّارِكُ الْجَمَاعَةَ» (?) ..
فأما الأولى فهي القصاص العادل الذي إن قتل نفسا فقد ضمن الحياة لنفوس «وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ».
حياة بكف يد الذين يهمون بالاعتداء على الأنفس والقصاص ينتظرهم فيردعهم قبل الإقدام على الفعلة النكراء. وحياة بكف يد أصحاب الدم أن تثور نفوسهم فيثأروا ولا يقفوا عند القاتل، بل يمضوا في الثأر، ويتبادلوا القتل فلا يقف هذا الفريق وذاك حتى تسيل دماء ودماء. وحياة بأمن كل فرد على شخصه واطمئنانه إلى عدالة القصاص، فينطلق آمنا يعمل وينتج فإذا الأمة كلها في حياة.
وأما الثانية فهي دفع للفساد القاتل في انتشار الفاحشة، وهي لون من القتل على النحو الذي بيناه.
وأما الثالثة فهي دفع للفساد الروحي الذي يشيع الفوضى في الجماعة، ويهدد أمنها ونظامها الذي اختاره اللّه لها، ويسلمها إلى الفرقة القاتلة. والتارك لدينه المفارق للجماعة إنما يقتل لأنه اختار الإسلام لم يجبر عليه، ودخل في جسم الجماعة المسلمة، واطلع على