لقد زاد الحياة إلىّ حبّا بناتي إنهن من الضعاف

أحاذر أن يرين الفقر بعدي وأن يشربن رنفا بعد صاف

وأن يعرين إن كسى الجواري فتنبو العين عن كوم عجاف

ولو لا ذاك قد سوّمت مهرى وفى الرحمن للضعفاء كاف

والأبيات فى غنى عن الشرح والتعليق .. فهى كما ترى من توهج العاطفة، وصدق الشعور، وقد جاءت نغما رائعا يأخذ بمجامع القلوب، ويستولى على مواطن الحبّ والرحمة والحنان ..

وفى الشعر العربىّ كثير من مثل هذه المواقف التي تكشف عن تلك العواطف الرقيقة التي كان يحملها العربىّ لبناته، صغيرات وكبيرات.

الفقر إذن، وما قد يقاسيه الأولاد من مسغبة قاتلة بيد الحرمان، هو الذي دفع ببعض العرب، إلى هذا الفعل المنكر، الذي كانوا يفعلونه، وأكبادهم تتمزق حسرة، وقلوبهم تتنزّى ألما، ولهذا جاء قوله تعالى: «خَشْيَةَ إِمْلاقٍ» كاشفا عن العلّة التي من أجلها كان يقتل العربي ابنه، أو أبناءه، أو يئد بنته أو بناته. وقد صحّح اللّه سبحانه وتعالى ما وقع فى تفكيرهم من خطأ، أدّى بهم إلى هذا التفكير السقيم، وذلك السلوك المنحرف، فقال تعالى: «نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ».

. فهؤلاء الأولاد قد خلقهم اللّه، كما خلق آباءهم من قبل، وقد تكفّل بأرزاقهم كما تكفّل بأرزاق آبائهم، حتى كبروا وصاروا آباء .. فلم يقطعون على أبنائهم طريق الحياة؟ ولم لا يدعونهم يعيشون كما عاشواهم؟ إنّهم لا يرزقونهم، ولكن الذي يرزقهم ويرزق آباءهم ـ هو الرزّاق ذو القوة المتين .. اللّه ربّ العالمين ..

وفى تقديم رزق الأبناء على الآباء ما يشير إلى أنهم جميعا على سواء فى الرزق عند اللّه، لا يملك هؤلاء، ولا هؤلاء رزقا لأنفسهم، وإنما يرزقون جميعا من فضل اللّه ..

وفى قوله تعالى: «إِنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً كَبِيراً» تأثيم لهذا الفعل، وتجريم له، وتشنيع عليه، وأنه خطأ ارتكبه الآباء عن نيّة حسنة، ولكنه يحمل قدرا كبيرا من الشناعة والمنكر، فهو خطأ وخطء معا .. والخطء، هو الذنب، والخطيئة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015