يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ. أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ، وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ» .. (البقرة:1 - 5).

والإيمان باللّه - سبحانه - هو إيمان بالغيب. فذات اللّه - سبحانه - غيب بالقياس إلى البشر فإذا آمنوا به فإنما يؤمنون بغيب، يجدون آثار فعله، ولا يدركون ذاته، ولا كيفيات أفعاله.

والإيمان بالآخرة كذلك، هو إيمان بالغيب. فالساعة بالقياس إلى البشر غيب، وما يكون فيها من بعث وحساب وثواب وعقاب كله غيب يؤمن به المؤمن، تصديقا لخبر اللّه سبحانه.

والغيب الذي يتحقق الإيمان بالتصديق به يشمل حقائق أخرى يذكرها القرآن الكريم في وصف واقع المؤمنين وعقيدتهم الشاملة: «آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ. كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ. لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ. وَقالُوا: سَمِعْنا وَأَطَعْنا. غُفْرانَكَ رَبَّنا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ» .. (البقرة:285).

فنجد في هذا النص أن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين كذلك، كلٌّ آمن باللّه - وهو غيب - وآمن بما أنزل اللّه على رسوله - وما أنزل اللّه على رسوله فيه جانب من اطلاعه - صلى الله عليه وسلم - على جانب من الغيب بالقدر الذي قدره اللّه - سبحانه - كما قال في الآية الأخرى: «عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ» .. (الجن:26 - 27).

وآمن بالملائكة - وهي غيب - لا يعرف عنه البشر إلا ما يخبرهم به اللّه، على قدر طاقتهم وحاجتهم (?).

ويبقى من الغيب الذي لذا لا يقوم الإيمان إلا بالتصديق به: قدر اللّه - وهو غيب لا يعلمه الإنسان حتى يقع - كما جاء في حديث الإيمان: «يَا مُحَمَّدُ، مَا الإِيمَانُ؟ قَالَ: أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ، وَمَلائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الآخِرِ، وَالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ» ... (أخرجه الشيخان) (?) ..

طور بواسطة نورين ميديا © 2015