قال القرطبي «1» : أكثر المفسرين على أن الآية نزلت في حفصة وذكر القصة.
وقيل: السبب أنه كان النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم يشرب عسلا عند زينب بنت جحش، فتواطأت عائشة وحفصة أن يقولا له إذا دخل عليهما: إنا نجد منك ريح مغافير «2» .
وقيل: السبب المرأة التي وهبت نفسها للنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، وسنده ضعيف «3» .
والجمع ممكن بوقوع القصتين: قصة العسل وقصة مارية، وأن القرآن نزل فيهما جميعا.
تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ: ومرضاة اسم مصدر وهو الرضا.
وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (?) : لما فرط منك من تحريم ما أحل الله لك.
قيل: وكان ذلك ذنبا من الصغائر، فلذا عاتبه الله عليه، وقيل: إنها معاتبة على ترك الأولى.
قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ: أي شرع لكم تحليلها وبين لكم ذلك، فكان اليمين عقد والكفارة حل، لأنها تحل للحالف ما حرمه على نفسه.
قال مقاتل: المعنى قد بين الله كفارة أيمانكم في سورة المائدة، أمر الله نبيه أن يكفر يمينه ويراجع وليدته فأعتق رقبة.
قال الزجاج: وليس لأحد أن يحرم ما أحل الله.
قلت: وهذا هو الحق، إن تحريم ما أحل الله لا ينعقد ولا يلزم صاحبه، فالتحليل والتحريم هو إلى الله سبحانه لا إلى غيره، ومعاتبته نبيه صلّى الله عليه وآله وسلّم في هذه السورة أبلغ دليل على ذلك، والبحث طويل والمذاهب فيه كثيرة والمقالات فيه طويلة، وقد حققه الشوكاني رحمه الله تعالى في مؤلفاته بما يشفي.
واختلف العلماء هل مجرد التحريم يمين يوجب الكفارة أم لا؟ وفي ذلك خلاف وليس في الآية ما يدل على أنه يمين لأن الله سبحانه عاتبه على تحريم ما أحله الله له،