قصد السوء له. واتفق أن خرج بركة لجهة الصيد بالبحيرة فتضاعف إينال حيلة وخوفا على نفسه، وأخذ يدبّر ما يفعله. ونزل إلى برقوق للعيادة غير ما مرة. ثم خرج برقوق إلى جهة المطعم، فاغتنم إينال الفرصة وركب من فوره بجماعة مماليكه وآخرين انضمّوا إليه، فكبس باب السلسلة فملكها، ونهب من معه جميع ما فيه لبرقوق، واستمال إينال من به من مماليك برقوق ووعدهم ومنّاهم، وبعث بطلب السلطان، فما أجاب، فأمر بضرب الدبادب حربيّا.
وكانت كائنة غريبة وفتنة كبيرة، وبلغ برقوق ذلك فخارت قواه، وكاد أن يفرّ من هناك حتى قوّاه أيتمش وشجّعه وأخذه، وعاد به إلى داره، وجمع عليه الناس وثار معه العامّة، وقابلوا جماعة إينال وهم قد اشتغلوا بما نهبوه / 243 / فهزموهم، وفرّ إينال بعد أن دخل أصحاب برقوق إلى الإصطبل من جهة باب السرّ من ناحية الصوّة. وكان قد جرح إينال في عقبه بسهم أصابه بعد أن قاتل قتال الموت ثم قبض عليه بعد فراره وقيّد وحمل إلى الإسكندرية فسّجن بها. وزيّنت القاهرة زينة حافلة. وأظهرت العامّة لبرقوق غاية التعصّب والمحبّة (?).
وفي رمضان قرّر منكلي بغا البلدي في نيابة طرابلس (?).
وفيه ضرب برقوق الكمال سبط الخرّوبي هو وآخر معه وسمّرهما على جملين وهما ينادى عليهما: «هذا جزاء من يتكلّم فيما لا يعنيه».
وكان الكمال هذا قد سعى في الوزارة سعيا جريئا عند الأمير بركة، وعيّن عدّة من أصحابه، منهم لنظر الخاصّ، وآخر لشدّ الدواوين، وآخر لتقدمة الدولة، وشرط أن يكفي الدولة ستة أشهر، وأن يسلّم إليه خاله التاج الخرّوبي وقرّ به وآخرين من التجار، وأجاب بركة إلى ذلك وما بقي إلاّ أن يتمّ. وبلغ ذلك الخراربة والتجار فأوصلوه إلى القبط، فثاروا على الكمال، وبلغوا ما قاله لبرقوق فأحضره ومن ساعده، وفرّ عنه بعض التجّار، فضرب رفقته بالمقارع، وشهّره كما قلناه (?).