وفي سادس عشره كانت كائنة إرادة حلّ الأوقاف وارتجاعها، وطلب الأتابك برقوق العلماء والقضاة، وعقد مجلس بسب ذلك، فطال فيه الكلام، وقام فيه الشيخ أكمل الدين الحنفي والشيخ سراج الدين البلقيني قياما تامّا حتى أسمعهما برقوق وبركة كلاما منكيا، ومع ذلك فما بلغ برقوق مراده، وانفضّ المجلس، وأخرجت بعض أوقاف من لا يعبأ به مستحقّه لذلك، وأقطعت لأناس (?).
[584]- وكان لضياء (?) الدين في هذا المجلس، وتكلّم بكلام قويّ حتى حنق منه برقوق وخشن عليه في كلامه بحيث ما خاف منه على نفسه حتى نزّل فتمرّض ومات في ثالث عشرينه.
وهو ضياء بن سعد الله (?) بن محمد بن (?) عثمان القرميّ، القزوينيّ، العفيفيّ، الشافعي، الحنفي، المعروف بقاضي قرم.
وكان من أجلّ العلماء قدرا. أخذ عن جماعة منهم القاضي العضد، وأخذ عنه جماعة منهم السعد الساداني، وسمع العفيف المصري، وغيره.
وكان يقول: أنا حنفيّ الأصول، شافعيّ الفروع. وكان يستحضر المذهبين، ويقرىء فيهما. وأخذ عنه جماعة في المذهبين.
ولما قدم القاهرة قرّر في مشيخة البيبرسية وتدريس الشافعية بالشيخونية. وكان معظّما في الدولة سيما في أيام الأشرف شعبان، مع الدين المتين والمهابة والإحسان إلى الطلبة، والتواضع الزائد، ومحبّة الخير وأهله.