فيها، وكأنّها على لسان المؤلّف، وأنشدها له، فأثبت المؤلّف ما يذكره منها وهو قوله:
بني العوّادي أقوام لئام ... حلال الشرع عندهم حرام
لهم فتن تشاع بكل ناد ... عليهم لعنة المولى دوام
شرير مشهور ... إذا ملو شواش
لا علموا منشور ... بسوق الأوباش
فلا عجبا إذا افتخروا بعرضي ... فإنّ العرض عندهم ساح
وإن قالوا قليل الدين كذبا ... فطيم لا يريد سوى النكاح
وهي طويلة:
وبعد أيام ورد قارب من أسارى رودس الأروام المسلمين هاربين منها وهم زيادة على العشرة، فأخبروا بالقضيّة على جليّتها، وأنّ ذلك المملوك باق على نصرانيّته، وهو حكى لهم ما فعل بسيّده، وأنه باع الجواري بخمسمائة دينار، وأنّه لما دخل البنادقة بالشواني إلى رودس احتال على صاحب المركب الفرنجي الذي معه أن سيّده أمره أن ينزل بالجواري برودس، ومنها يسافر إلى بلاد الروم فيبيعهنّ لأنّ السعر هناك أغلى من ساحل الشام، وكان معه في المركب يهوديّ اتفق معه أن يشتريهنّ منه، ودفع له كراء المركب. وانخدع الفرنجي صاحب المركب بكلامه. وشاعت هذه الحكاية بطرابلس، فلما تحقّق المؤلّف منها ذهب إلى القائد وطلب منه أن يعيد إليه ما أخذه منه وخوّفه بأنّه سيعود إلى تونس، ويشكوه إلى صاحبها عثمان وولده المسعود، ولم يخرج من عنده حتى أعاد له ماله وبيته. وخسر الجواري، وامتحن بالسجن (?). ولم تمض سوى أيام قليلة حتى مات أحد أولاد قائد طرابلس في أواخر المحرم 868 هـ. فتأسّف عليه، وكتب المؤلّف معلّقا: «زاده الله أسفا على أسفه» (?).
ثم جرت للمؤلّف حكاية أخرى وهذه المرة مع شخص يهوديّ الأصل من بلاد الفرنج يدعى «عبد الرحمن»، قدم إلى طرابلس الغرب وتزوّج بحارة اليهود امرأة واستولدها، ثم سافر إلى القاهرة ومنها إلى القدس، فوجد هناك وهو يزني بمسلمة، فأسلم على كره منه، وعاد إلى طرابلس والمؤلّف بها، وأخذ يتودّد إليه حتى قام في خلاص ولده من امرأته اليهودية وأخذه معه إلى بلاد المغرب الأقصى، وأحسن إليه غاية الإحسان. وكان ذلك في شهر صفر 868 هـ (?) فلم يقابله اليهوديّ إلاّ بالإساءة المؤدّية إلى الهلاك، كما سيأتي لا حقا.
وفي شهر جمادى الآخر قرّر السفر إلى تونس، وعرف بذلك قائد طرابلس فخشي