ثم عقد مجلس حافل بالقضاة والعلماء، وألزم فيه النصارى واليهود بجريانهم على ما كانوا عليه قديما. وأخرجت لم عدّة عهود مكتتبة من القديم، ثم كتبت مراسيم سلطانية، وسار بها البريد إلى جهات بلاد الإسلام بما تقرّر في ذلك. واتفق أن قرىء بعضا (?) منها بالجامع الأزهر في يوم جمعة على رؤوس (?) الأشهاد، وكذا بجامع عمرو بن العاص، فلما سمعه السواد الأعظم في خامس عشرين هذا الشهر وقصدوا اليهود والنصارى، وفعلوا بهم أفعالا عجيبة غريبة، ونهبوا ديارهم وكنائسهم، وأوقدوا حفرا بالنيران وصاروا يحملونهم فيلقونهم فيها، فلما شنّع الحال في ذلك نودي من قبل السلطان بالمنع من ذلك، فما عفّ عنهم. وكانت كاينتهم من أعظم الكواين وجرياتها تطول.

[فيه] لما جرت هذه الكاينة ترادفت الأخبار من الوجه القبليّ والبحري بأنّ كثيرا من النصارى أظهروا الإسلام وواظبوا المساجد والعبادات، وقرأوا القرآن، حتى بلغ الأمر في ذلك إلى أن أثبت بعضا (?) منهم عدالته، وجلس مع الشهود. وفشا الإسلام في عامّة نصارى مصر بعد ذلك، حتى قيل إنه أسلم من قليوب خاصّة في يوم واحد نحوا (?) من خمسماية نفر، وممّن أسلم في هذه الحادثة الشمس المقسي (?)، جدّ بني المقسي الذي منهم التاج ناظر الخواصّ، والهيصم (?) جدّ بني الهيصم الوزراء، وغيرهم. وأشيع على ألسنة الناس، لا سيما العامّة، أنّ هذه الأفعال منهم مكر (?).

[رجب]

[هدم كنائس النصارى]

وفي رجب استغاث الناس إلى السلطان في قوّة الإسلام يتمّم الأمر في قضيّة اليهود والنصارى، ووقعت عدّة قصص على لسان المسلمين بدار العدل تتضمّن أنّ النصارى استجدّوا في كنائسهم عمائر ووسّعوا بناءها، إلى غير ذلك من أشياء ذكروها، فبرز أمر السلطان بأن تهدم الكنائس المستجدّة، فلم يسمع العوامّ إلاّ ذلك حتى ثاروا يدا واحدة وهم يضجّون. وركب والي القاهرة ليكشف / 51 ب / عن صحّة ما ذكروه، فما أمهلوه، وأخذوا في هدم الكنائس وتشمّروا لذلك، وفعلوا أفعالا غريبة أيضا عجيبة بعد ذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015