فلما كان آخر النهار أرجف بموت السلطان، وكثرت الإشاعة بذلك، وظهر الهرج والمرج وكثرة القيل والقال، وتقاعد العسكر المعيّن للصعيد عن الخروج، ووجدوا مندوحة لذلك، وزادت الحركة وكثر الاضطراب من وقت هذه الإشاعة، بل ولبس بعض الجند لامة الحرب (?).

واستمرّت الحركة في طول ليلة رابع هذا الشهر، والجند يجيئوون (?) ويذهبون إلى الرميلة (?) باللبوس والعدد الكاملة، وهم لا يشكّون في موت السلطان، واحترز الكثير من الناس على أنفسهم في هذه الليلة، وأغلقت الحوانيت من المغرب، ووزّع الكثير من الناس ما بدورهم من الأمتعة.

وكانت ليلة مهولة، وأصبح الصباح والسلطان ح‍ (. . .) (?) وبلغه شيء ممّا وقع، فانزعج له، وأشيع بأنه في سلامة وعافية. وضربت البشائر بالقلعة، ونودي بالأمان والطمأنينة، كل ذلك تورية وإخمادا للفتنة، وذلك كله برأي خير بك الدوادار الثاني مملوك السلطان وخصّيصه. هذا والسلطان قد ظهرت عليه أمارات الموت (?).

ثم في آخر النهار نزل تنبك المعلّم الرأس نوبة الثاني لقرقماس الجلب على لسان السلطان يثتحثّه على الخروج، وذكر له تغيّظ السلطان عليه فخرج من وقته، ثم تبعه يشبك الفقيه وبقيّة من عيّن من الأمراء ونزلوا / 182 ب / بمراكبهم بمصر، وصاروا في انتظار من عيّن من الجند، فلم يخرج إليهم النفر الواحد (?).

وولّى السلطان في يومه هذا بعض الولايات، وعزل بعض (?) وهو صحيح العقل والذهن، والناس لا يصدّقون ذلك، وينسبونه إلى خير بك وغيره. هذا، والأشرفية والبرسبائية (?) والإينالية مستشرفون لموت السلطان ولهم حركة وقيل وقال (?).

وفيه، في خامسه، صعد بعض الأمراء وكاتب السرّ وبعض أرباب الدولة للخدمة، ودخلوا على السلطان بالحريم وهو على حاله، قدّمت العلامة، فعلّم على دون العشرة من الأوامر وهو في قلق وشدّة، ثم استلقى على قفاه كالذي عيى من هذه الفعلة. هذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015