وفيه قبض على بزلار، وصمغار، وأيتمش عبد الغني (?).
وكان السبب في هذه الفتنة أن السلطان لما أخرج حظاياه، وأخذ في التسلّي عنهنّ بلعب الحمام وخرج في ذلك عن الحدّ، وصار يحضر عنده الأوباش والمساخر إلى الدهيشة، ويلعب بين يديه باللبخة، ويلعب هو أيضا. ويحضر عنده إنسان يقال له الشيخ علي الكسيح، فيسخر له بين حظاياه، وينقل له أخبار الناس. وبلغ ذلك الأمراء فشقّ عليهم ذلك، فكلّموا ألجيبغا وطنيرق في ذلك، وكانا من أخصّ خواصّه وعمدة خاصّكيّته، فبلّغا السلطان ذلك، فأخذه الحنق الشديد، ثم قال لهما: «والله لأذبحنّكم كما ذبحت هذه الطيور». ثم نزل وأغلق باب الدهيشة وأقام غضبانا يومه وليلته (?).
وكان أغرلوا قد تمكّن منه فأعلمه بما وقع، فهوّن عليه الأمر، وأطمعه في الأمراء، وجسّره على الفتك بهم، والقبض على النائب. ثم أخذ في التدبير في ذلك، وقرّر مع أغرلوا أن يبعث إلى النائب ليشكو (?) إليه من خواصّ خاصّكّيته، وهم صمغار، وبزلار، وأيتمش عبد الغني، وأنه بلغه عنهم أنهم في قصد إثارة فتنة، وأنه يريد القبض عليهم. فأشار عليه النائب بالتثبّت في أمرهم، ظنّا منه أن الأمر كما هو، فأجابه بأن ذلك قد صحّ عنده من أخبار بيبغاروس له به، وأنهم تحالفوا على قتله، فأشار النائب عليه بأن يجمع بينهم ويحاقق بيبغاروس على ذلك بحضور الأمراء.
وكان السلطان اتفق مع أغرلوا وعنبر السحرتي مقدّم المماليك على القبض على آق سنقر، والحجازي، وأظهر النائب القبض على خاصّكيّته. فلما حضر الأمراء القصر ثار المماليك بالسيوف وتناولوا آق سنقر، والحجازي، ففرّ صمغار، وأيتمش عبد الغني وقد بلغهما / 18 أ / أنهما يقبض عليهما.
ووقعت أشياء يطول الشرح في ذكرها، وقبض على أيتمش وصمغار كما ذكرناه. ثم بعث بهما مع آخرين إلى سجن الإسكندرية، وصار التدبير إلى أغرلوا، وفعل أفعالا ذميمة. كتب إلى يلبغا اليحياوي نائب الشام بما جرا (?) بمصر، فأظهر تصويب رأي السلطان، وأخذ في نفسه بالحذر، وتوحّش خاطره، وجمع الأمراء واتفق معهم على الخروج على السلطان (?).