وفيه أعني هذا اليوم، عقيب موت الظاهر، كانت مبايعة ولده محمد بالسلطنة، وقد أحضر الخليفة والقضاة وجميع الأمراء إلاّ جانبك الصوفي فإنه امتنع من الحضور لأمر ما، فما زالوا به حتى حضر فبايعوا لولده ولقّبوه بالصالح، وكنّوه بأبي السعادات، وأفاضوا عليه شعار السلطنة وأجلسوه على سرير الملك، وقاموا بين يديه، ثم نودي بسلطنته، وجهّز والده بعد ذلك.
وسكن جانبك الصوفي في باب السلسلة، وانضمّ إليه معظم الأمراء والمماليك. وأقام برسباي الدقماقي بالأشرفية من القلعة، وانضم إليه عدّة أخر من الأمراء والمماليك، ومنهم: طرباي حاجب الحجّاب، وقصروه الرأس نوبة، وجقمق، وبات الجمع مستعدّين.
ثم أصبح المماليك السلطانية فطلبوا نفقة البيعة على العادة والأضحية أيضا، وأغلظوا حتى كادت تثور الفتنة وتقوم الحرب، حتى سكنت شيئا، وفرّقت الأضحية، ثم طلبوا النفقة وطال الكلام منهم ومن جانبك الصوفي، وآل الأمر أن استرضوا على أن ينفق لهم بعد عشرة أيام (?).
وفيه، في يوم العيد، أخرج السلطان إلى القصر وصلّى به صلاة العيد، ولم يحضر جانبك الصوفي بعد أن كادت تثور فتنة، وآلت إلى القبض على جانبك الصوفي، ويشبك وقيّدا وصعد بهما إلى القلعة، وكان القايم بذلك طرباي مساعدة لبرسباي، وهي حيلة غريبة صعدت معه، وكانت القاهرة قد غلّقت أسواقها وتوقّعوا الفتنة فنودي بالأمان، ثم حمل جانبك الصوفي ويشبك إلى الإسكندرية (?).
وفيه فوّض الخليفة إلى برسباي تدبير المملكة للصالح محمد، وجعله نظام ملكه كما وقع لططر قبله، وأثبت ذلك، وحكم الحنفيّ بصحّته ونفذه معه القضاة (?).