وفيه رفع جماعة من الخليل قصّة للسلطان يشكون فيها من الشمس الهرويّ، وأنه في جهته من مال وقف الخليل على نبيّنا وعليه أفضل الصلاة والسلام مبلغا (?) له صورة، فأحضره السلطان إلى القلعة، ثم وكّل به، وأمر القاضي الحنفي أن يعمل معه الشرع. وجرت عليه أمور، وبهدل بالتوكيل والاعتقال، بل رجمته العامّة، لولا الطواشي مرجان الخازندار نزل إليه فأخذه إلى داره، وإلاّ كان حصل له التلف بل الهلاك، ثم أعيد التوكيل عليه، ثم أخذ في بيع موجوده للقيام بما عليه من المال، ثم بعث السلطان إليه بأن يحضر ما كان عنده من الأموال التي جبيت من أجناد الحلقة، فوجد ألف ألف درهم، ونقصت ستماية ألف درهم تصرّف فيها الهروي لنفسه، فغضب السلطان من ذلك، وبعث الشمس ابن (?) الديري إلى نوّاب الهروي يمنعهم من الحكم، وأن مستفتيهم (?) قد فسق. ثم أشيع عن الهروي بأنه قد تهيّأ للهرب حتى أحيط به (?).
[1460]- وفيه مات الفاضل، العالم، محمد بن محمود الصوفيّ (?)، الحنفيّ.
وكان عالما، فاضلا، بارعا، طارحا للتكلّف في ساير شونه (?).
وفيه ركب السلطان إلى جامعه بباب زويلة، واستدعى الجلال بن البلقيني، وارتجّت له القاهرة لما سمعوا بطلب السلطان إيّاه، وهرعوا إلى جهة باب زويلة، وغصّت الشوارع بالناس، وعندما حضر / 503 / عند السلطان قام له وأجلسه، وشافهه بولاية القضاء وأفاض عليه بشعار القضاء، وركب إلى المدرسة الصالحية من باب المؤيّدية الذي تحت الربع، وعبر من باب زويلة في موكب حافل. وقد قام السلطان بأحد شبابيك المؤيّدية لرؤيته، فهاله ما رآه من الناس، وهم يظهرون الفرج بولايته وغاية السرور، وضجّوا بالدعاء للسلطان، وأوقدت مجامر البخور بالعنبر والعود، وتخلّق الناس بالزعفران وسمحوا بماء الورد يرشّونه على الناس، وأوقدت الشموع. وكان يوما قلّ أن رؤي مثله في ولاية قاض، وأخذ أعداء الهروي يظهرون الشماتة به (?).