بلا سلاح، وتسري عدوى الحماسة فيلحقه الناس. وأذكر وأنا ولد أني رميت حقيبة الكتب وهجمت معهم. ولم يكن مع أحد من المهاجمين قطعة حديد، ومع الجنود البنادق المحشوة بالرصاص، ومع ذلك غُلبوا وسقطوا على الأرض ونزل عليهم الناس ضرباً وركلاً، فلم يخرجوا إلا بثياب ممزقة وأعضاء محطمة.
هذه القوة الكامنة هي مصدر العزة التي وصف الله بها المؤمنين. إنها موجودة في نفوسنا لا تزال، رغم الضعف والتفرق والانقسام، ولكنها تحتاج إلى مَن يوقظها. وهذه القوة لا يوقظها إلا الإيمان.
* * *
هذه الأمة المسلمة دُعيت إلى الجهاد والتضحية والبذل عشرة آلاف مرة، ولا تزال مستعدة للإجابة إن دُعيت من جديد، ولكنها تحتاج إلى من يدعوها باسم الدين، باسم العِرض. إذا تيقّن هذا الشعب أن عِرضه في خطر وأن دينه في خطر تظهر هذه القوة الكامنة ويصنع العجائب.
لهذا قاتل في الماضي في بدر واليرموك وحطين، وقاتل بالأمس في غوطة دمشق ورُمَيثة العراق وجبال الجزائر، ولهذا يقاتل في المستقبل. أما القتال للقومية وللاشتراكية وللثأر، وللكلام الفارغ والملآن، فإنه يشترك فيه هو والعدو. اليهودي أيضاً يقاتل لقوميته ويقاتل لبلده ويقاتل للاشتراكية، لأن الاشتراكية بضاعة يهودية. ماركس الذي ابتدعها يهودي، ولينين يهودي، وستالين أصله يهودي، وتروتسكي يهودي، فما الفرق إذن بيننا وبينهم؟