فأين هذه الجيوش اليوم؟ لقد ذهبت، قضى عليها أبطال ثلاثة: نور الدين وصلاح الدين والملك الظاهر لما نشروا راية الإسلام وضربوا بسيف محمد الذي لا يُثلَم، فاصنعوا مثل الذي صنعوا تنتصروا كما انتصروا.
لقد جربنا تجربة صلاح الدين فأنقذنا بها بلادنا من أيدي عدونا، وجربنا تجارب أخرى فأضعنا فيها ما كان بأيدينا من بلادنا. والعاقل يعتبر بتجارب الماضي، ولا أريد أن ألقي عليكم مفاخر الماضي لتناموا عليها، فإنه لا يُشبع الجائعَ أن يكون أبوه صاحبَ موائد ولا يكسو العاري أن يكون أبوه تاجرَ ثياب، ولكن سردتُ ذلك لكي تصمّموا على أن تعيدوا هذا الماضي، وأنتم أهل لإعادته لأن هذه الأمجاد ما انقطعت فينا؛ فأنتم بنو الحرب، بنو الضرب، بنو المعارك الحمر والتضحيات والبطولات. إن في دماء كل واحد منكم ذكرى عشرة آلاف معركة خاضها الجدود، في عروق كل واحد دماء مئة مليون شهيد نثرناهم بين مشارق الأرض ومغاربها.
فإذا انهزمنا في معركة فإن أمامنا معارك. إن لهم وعد بلفور، وإن لنا وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أننا سنقاتل اليهود ونغلبهم، حتى يقول الحجر والشجر: يا مسلم، يا عبد الله، هذا يهودي خلفي تعال فاقتله (?).