فيا أيها القراء، إن العاقبة للإسلام؛ إن نور الإسلام لا يمكن أن ينطفئ، وإذا جال الباطل جَولة فإن العاقبة دائماً للحق. أرأيتم السنديانة الضخمة التي مشت في الأرض جذورُها وامتدّت في الجو فروعُها، يأتي مَن يقطع غصناً من غصونها أو يُعمل فأسَه في ساقها حتى يظنّ أنه قد اجتثّها من فوق الأرض وأنها لن تُنبت أبداً؟ إنها تنام قليلاً حتى ينمو من حولها الكلأ وتعلو الحشائش حتى تغطيها، فإذا هي تنشقّ عن فرع جديد يظهر صغيراً ضعيفاً كأنه بعض ذلك الكلأ، ولكن يجفّ الكلأ ويموت ويبقى هذا الفرع، حتى يقوى ويعلو ويصير دوحة جديدة باسقة الذُّرى وارفة الظلال.
هذا هو مثال الإسلام؛ كلما كاد له أعداؤه وحاولوا أن يطفئوا نوره انتفض فعاد أقوى مما كان، وكلما حاقت به الشدائد والمحن كانت له حياة جديدة. فثقوا بأن العاقبة للتقوى، وكونوا مع الله يكن الله معكم، وليعلم كل عدو للإسلام أن العاقبة للإسلام، وليؤمّل المبتلَون المعذَّبون بنصر الله في الدنيا ويثقوا بحسن ثوابه في الآخرة.
إن الليل مهما طال لا بد له من آخر، وستطلع شمس الإسلام على النفوس فتكسِف فيها شموعَ المذاهب والنِّحَل والأباطيل، وتجيء عصا موسى فتلقُف تهاويلَ السِّحْر، ويصحو النائمون فتمّحي مشاهد الرؤى وتذهب أضغاث الأحلام.
* * *