حديث أذيع سنة 1972
رأيت مرّةً في الترام في الشام رأسَ راكب من وراء الحاجز، تأملته فما عرفت أهو لرجل أو امرأة، ثم تكلم فإذا هو شاب، مصقول الوجه حليق الشعر، يلبس قميصاً فيه ألوان زاهية مما يلبس النساء.
وكان يقف متثنّياً متخلّعاً يكاد ينهدم، كأنه خُلِق بلا عظام أو كأن عظامه من شُكلاطة. وإذا بامرأة كهلة شديدة تزاحم لتمرّ، فدفعته في صدره فهوى. فرجعَت ووقفت تتأمله كما يتأمل زائرُ الحديقة حيواناً غريباً، ثم وضعت يدها في خصرها وقالت: يوه! وقعت؟ تعوا شوفوا شباب آخر زمان! فزُلزل الترام من الضحك.
هذا النمط من الشباب موجود في كثير من البلاد المسلمة. لا أقول إن الشبان عندنا كلهم من هذا النمط، ولا نصفهم ولا ربعهم ولا عشرهم، ولكنْ عندنا من هذا النمط عددٌ إذا كان اليومَ قليلاً فإنه يُخشى أن يكثر؛ لأن المرض يُعدي والفسادَ يغلب الصلاح. مريضٌ واحد يعدي عشرةَ أصحّاء، وبرتقالةٌ واحدة فاسدة في الصندوق تفسد برتقالَ الصندوق.