الأعرابي الذي جاء إلى النبي وترك ناقته بلا عقال، فلما خرج لم يجدها، فقال له: «اعقلها وتوكل» (?).
فالحقيقة إذن وسط بين إفراط الإفرنج وتفريط بعض الصوفية؛ الإفرنج المادّيون يعتقدون أن الأسباب المادية هي كل شيء ولا يفكرون في الله ولا يلجؤون إليه، وهذا باطل. ومن الصوفية من يترك السعي ويحتجّ بحديث رزق الطير، وما ذهب إليه باطل؛ فالحديث يقول: «لو توكلتم على الله حقّ توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خِماصاً وتعود بِطاناً» (?). الطير لم تبقَ في مكانها ولكن ذهبت ومشت وراء الرزق فرجعت وقد شبعت، فالحديث حجّة عليهم لا لهم.
فإذا أردتم أن تكونوا من المتوكلين فاعملوا للدنيا ما استطعتم، واطلبوا الرزق من كل طريق حلال، واسعوا لكل ما فيه النفع لكم، ولكن لا ترتكبوا في هذا السعي حراماً، ولا تنسوا أن النجاح بيد الله فارجعوا إليه واطلبوه منه.
* * *