وإلى النعيم الدائم، وطريقاً ينتهي إلى جهنم وإلى العذاب الدائم. وأعطانا قوة نميز بها هذا من ذاك، قال تعالى: {وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْن}.
وهذه القوة موجودة عند كل إنسان، عالماً كان أم كان جاهلاً، كبيراً كان أم صغيراً.
كل إنسان يعرف أن الزنا مثلاً شر وأن الزواج خير، لذلك يختفي الزاني ويستتر بزناه من الناس، ويعلن المتزوج عن زواجه ويدعو له الناس. وكلنا يعرف أن السرقة شر وأن الإحسان خير، لذلك ينكر السارق ولا يحب أن يتحدث عنه الناس بأنه سرق، ويسر المحسن أن تحدثوا عنه بأنه أحسن. حتى السكّير الخِمّير لا يحب أن ينشأ ابنه على الخمر والسكر لأنه يعرف قبح ما هو فيه.
بل إن الحيوان يميز الخير من الشر، فإذا رميت إلى القط بقطعة لحم أكلها آمناً بين يديك، وإن خطفها خطفاً فرّ بها إلى الطريق. والكلب يعمل عملاً صالحاً فيقترب من صاحبه ويتحسس به كأنه يطلب منه المكافأة، وإذا أساء ابتعد ووقف كالنادم المعترف!
ثم إن الله عز وجل أقام على كل من الطريقين مَن يدعو إليه ويرغّب فيه. فالأنبياء يقومون على طريق الجنة يقولون للناس: تعالوا، امشوا من هنا، هذا طريق الجنة. والشياطين، شياطين الجن وأعوانهم من شياطين الإنس، يقومون على طريق النار يدعون إليه، يقولون: تعالوا، هذا الطريق أجمل وأسهل، ألا ترون البساتين على جانبيه والأنهار تجري من تحته، وفيه الطعام