ثم شرع عليه الصلاة والسلام في بناء مسجده في مبرك ناقته أمام محلّة بني النجار، وكان محله مربدا للتمر يملكه غلامان يتيمان (?) في حجر أسعد بن زرارة، فدعا الغلامين، وساومهما المربد ليتّخذه مسجدا، فقالا بل نهبه لك يا رسول الله، فأبى عليه الصلاة والسلام أن يقبله منهما هبة بل ابتاعه منهما، وكان فيه قبور للمشركين وبعض حفر ونخل، فأمر بالقبور فنبشت، وبالحفر فسوّيت، وبالنخل فقطع، ثم أمر باتّخاذ اللبن فاتّخذ وشرعوا في البناء، به، وجعلوا عضادتي الباب من الحجارة، وسقفوه بالجريد، وجعلت عمده من جذوع النخل، ولا يزيد ارتفاعه عن القامة إلّا قليلا، وقد عمل فيه رسول الله بنفسه ليرغب المسلمين في العمل، وصاروا يرتجزون وهو يقول معهم.
اللهم لا خير إلا خير الاخرة ... فارحم الأنصار والمهاجرة
وجعلت قبلة المسجد في شماله إلى بيت المقدس، وجعل له ثلاثة أبواب ثم حصبت أرضه لأن المطر كان قد أثّر فيه، فأمر عليه الصلاة والسلام بحصبه، ولم يزين المسجد بفرش حتى ولا بالحصر، وبنى بجانبه حجرتان، احداهما لسودة بنت زمعة، والاخرى لعائشة، ولم يكن عليه الصلاة والسلام متزوجا غيرهما إذ