وهم بنو محارب وبنو ثعلبة، فتجهز لهم وخرج في سبعمائة مقاتل، وولّى على المدينة عثمان بن عفّان (?) ، ولم يزالوا سائرين حتى وصلوا ديار القوم فلم يجدوا فيها أحدا غير نسوة فأخذهنّ، فبلغ الخبر رجالهم، فخافوا وتفرّقوا في رؤوس الجبال، ثم اجتمع جمع منهم وجاؤوا للحرب، فتقارب الناس، وأخاف بعضهم بعضا. ولما حانت صلاة العصر وخاف عليه الصلاة والسلام أن يغدر بهم الأعداء وهم يصلون صلّى بالمسلمين صلاة الخوف (?) فألقى الله الرعب في قلوب الأعداء وهم يصلّون. وتفرقت جموعهم خائفين منه صلّى الله عليه وسلّم. ومال الإمام البخاري إلى أن هذه الغزوة كانت في السنة الرابعة وأجمع أهل السير على خلافه.
لمّا أهلّ شعبان هذا العام كان موعد أبي سفيان، فإنه بعد انقضاء غزوة أحد قال للمسلمين: موعدنا بدر العام المقبل، فأجابه الرسول إلى ذلك. وكان بدر محل سوق تعقد كل عام للتجارة في شعبان يقيم التجار فيه ثمانيا. فلمّا حلّ الأجل، وقريش مجدبون، لم يتمكّن أبو سفيان من الإيفاء بوعده، فأراد أن يخذل المسلمين عن الخروج كيلا يوسم بخلف الوعد، فاستأجر نعيم بن مسعود الأشجعي (?) ليأتي المدينة ويرجف بما جمعه أبو سفيان من الجموع العظيمة، فقدم نعيم المدينة وقال للمسلمين: إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (?) ، ولم يلتفت عليه الصلاة والسلام لهذا الإرجاف اتّكالا على ربه بل خرج بألف وخمسمائة من أصحابه، واستخلف على المدينة عبد الله بن عبد الله بن أبي (?) . ولم يزالوا سائرين حتى أتوا بدرا، فلم