((إن من كرم الرجل طيب زاده في السفر)) (?).
وأمر الله - عز وجل - بالتزود في السفر؛ لأن في التزوّد الاستغناء عن المخلوقين، والكفّ عن أموالهم؛ ولأن التزود فيه نفع وإعانة للمسافرين، وهذا الزاد المراد منه: إقامة البنية: بلغةً ومتاعاً. ولما أمر الله بالزاد للسفر في الدنيا أمر بالزاد الحقيقي: زاد الآخرة، وهو استصحاب التقوى إليها، وهو الزاد المستمر نفعه لصاحبه في دنياه وأخراه، فهو زاد التقوى، الذي هو زاد إلى دار القرار، وهو الموصل إلى أكمل لذّة، وأجلِّ نعيم، ومن ترك هذا الزاد فهو المنقطع به الذي هو عرضة لكل شر، وممنوع من الوصول إلى دار المتقين (?)، وقد أحسن القائل:
تزوَّدْ من التقى فإنك لا تدري ... إذا جُنَّ ليل هل تعيش إلى الفجر
فكم من صحيح مات من غير علة ... وكم من عليل عاش حيناً من الدهر
المتقون لهم صفات وأعمال نالوا بها السعادة في الدنيا والآخرة، ومن هذه الصفات على سبيل المثال لا الحصر ما يأتي:
أولاً: قال الله - عز وجل -: {الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} (?)، ففي