فليطلبه من أراد تحقيق ذلك.

واعلم أن الاقتباس أنواع؛ لأنه تارة يورد فيه نظم القرآن بنصه كما في هذا المطلع، وتارة يزاد فيه الكلمة ونحوها، أو ينقص منه، أو يغير بعض عبارته وإعرابه، وقد استعمل المصنف جميع هذه الأنواع في الخطبة تنبيها منه على جوازها شرعا وبلاغة.

فمن الزيادة قوله: (ثم بيّن للناس ما نزّل إليهم حسبما عنَّ لهم من مصالحهم، ليدبّروا آياته وليتذكّر أولو الألباب تذكيرا) فزاد لفظة " تذكيرا "

ومن التغيير قوله: (فكشف قناع الانغلاق عن آياتٍ محكماتٍ، هن أُم الكتاب وأخر متشابهات، هن رموز الخطاب، تأويلا وتفسيرا)

وقوله: (فَمَنْ كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد فهو في الدارين حميد وسعيد) ومن النقص والتغيير والنقل عن المنزل فيه قوله: (ومهد لهم قواعد الأحكام وأوضاعها من نصوص الآيات وإلماعها؛ ليذهب عنهم الرجز، ويطهرهم تطهيرا) وكلّ ذلك سائغ شائع، فقد استعمله الأئمة، والعلماء، والبلغاء قديما وحديثا، ولا ينكره إلاّ من هو في عداد البهائم.

قوله: (فتحدى) الضمير فيه وفي الأفعال بعده راجع إلى (عبده) والتحدي طلب المعارضة والمقابلة.

قال في الصحاح: تحديت فلانا إذا باريته في فعل ونازعته الغلبة (?).

وقال في الأساس: حدا حدوا، وهو حادي الإبل، واحتدى بها حُداء إذا غنى لها.

ومن المجاز: تحدى أقرانه إذا باراهم، وأصله في الحُداء يتبارى فيه الحاديان ويتعارضان، فيتحدى كل واحد منهما صاحبه، أي يطلب حداءه، كما يقال: توفاه، بمعنى استوفاه (?).

وقال غيره: كانوا عند الحَدْوِ يقوم حاد عن يمين القطار، وحاد عن يساره يتحدى كل واحد منهما صاحبه، بمعنى يستحديه، أي يطلب حداءه، ثم اتسع فيه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015