وقد اعتمد ابن الصائغ كلام أبي حيان فقال في حاشية المغني: يمكن أن يقال المحكى ًإنما هو (أَنِ اعْبُدُوا اللهَ) وقوله (رَبِّي وَرَبَّكُمْ) من كلام عيسى عليه الصلاة والسلام أردف به الكلام المحكي تعظيماً لله تعالى، كما قال الزمخشري في قوله تعالى حكاية عن اليهود (إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللهِ): ويجوز أن يضع الله تعالى الذكر الحسن مكان ذكرهم القبيح في الحكاية عنهم رفعاً لعيسى عليه الصلاة والسلام كما يذكرونه وتعظيماً لما أرادوا بمثله.
وقال ابن الحاجب في أماليه: فإن أحكى: حاك كلاماً، فله أن يصف المخبر عنه بما ليس في كلام الشخص المحكي عنه.
ثم قال ابن الصائغ: ويمكن أن يصرف التفسير إلى المعنى بأن يكون عيسى عليه الصلاة والسلام قد حكى قول الله تعالى بعبارة أخرى، وكأنه تعالى قال له مرهم بأن يعبدوني، ومرهم بأن يعبدوا الله ربك وربهم، فعبر عيسى عليه الصلاة والسلام عن نفسه بطريق التكلم وعنهم بطريق الخطاب، ونظيره في الحكاية بالمعنى قوله تعالى (فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا إِنَّا لَذَائِقُونَ) والأصل: إنكم لذائقون. اهـ
وحكى هذين الوجهين البدر الدماميني ثم قال: ولا يمتنع أيضاً أن يكون الله تعالى قال لعيسى عليه الصلاة والسلام: قل لهم اعبدوا الله ربي وربكم، فحكاه كما أمر به ولا إشكال. اهـ
قوله: (والقول لا يفسر).
قال ابن المنير: أجاز بعضهم وقوع (أن) المفسرة بعد لفظ القول ولم يقتصر بها على ما في معناه فيقع حينئذ مفسراً له، اهـ
قوله: (ألا أن يؤول القول بالأمر ... ) إلى آخره.
فيه أمور: الأول: قال صاحب الفرائد: تأويل القول لا يصح إذا كان في التقسيم قسم يصح، لأن التأويل عند الضرورة. اهـ
الثاني: قال ابن المنير: هذا التأويل تكلف ولا طائل تحته. اهـ