قوله: (قال الحطيئة:
قوم إذا عقدوا عقداً لجارهم ... شدوا العناج وشدوا فوقه الكَرَبا).
مدح به بنوا أنف الناقة وكان هذا نبزاً في غاية الشناعة، فأبرزه الحطيئة في صورة المدح وكمال الرئاسة حيث قال بعد هذا البيت:
قوم هم الأنف والأذناب غيرهم ... ومن يسوي بأنف الناقة الذنبا.
قال الشيخ سعد الدين: وفي البيت إشارة إلى كون العقد بمعنى العهد، مستعار من عقد الحبل حيث رشح ذلك بذكر الحبل والدلو وما يتعلق بهما، والعناج: حبل يشد في أسفل الدلو ثم يشد إلى العَراقي ليكون عوناً لها وللوذم فإذا انقطعت الأوذام أمسكها العناج، والعرقوتان: الخشبتان المعترضتان على الدلو كالصليب، والأوذام: السيور التي بين آذان الدلو وأطراف العراقي، والكرب: الحبل الذي يشد في وسط العراقي ثم يثنى ويثلث ليكون هو الذي يلي الماء فلا يعفن الحبل الكبير، ويقال: ملأ الدلو إلى عقد الكرب لمن يبالغ فيما يلي من الأمر. اهـ
قوله: (ولكل المراد بالعقود: ما يعم العقود التي عقدها الله تعالى ... ) إلى آخره.
قال الطَّيبي: لأنَّ العقود جمع محلى باللام مستغرق لجميع ما يصدق عليه أنه عقود الله تعالى من الأصول والفروع، والمذكور في السورة أمهاتها وأصولها منصوصاً، وسائر ما يستتبعه مفهوماً ومرموزاً، فقوله تعالى (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى)، وقوله (كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ)، وقوله (اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى)، وقوله (وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ) الآيات من الجوامع التي تحتوي على جميع المسائل التي هي مفتقر إليها من الحكمة العلمية والعملية الفرعية والأصولية، أما العبادات فأشار إلى عمودها وأسها وهي الصلاة، ثم هي متوقفة على الطهارة وإليه الإشارة بقوله (إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا)، ثم كر إلى