ثُمَّ اخْتَلَفَ أَرْبَابُ هَذَا الْقَوْلِ فِي مَعْنَى الْكَلامِ وَوَجْهُ نَسْخِهِ عَلَى ثَلاثَةِ أَقْوَالٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّ هَذَا نَزَلَ بِمَكَّةَ، وَالْمُسْلِمُونَ قَلِيلٌ لَيْسَ لَهُمْ سُلْطَانٌ يَقْهَرُونَ بِهِ الْمُشْرِكِينَ، وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَتَعَاطُونَهُمْ بِالشَّتْمِ وَالأَذَى فَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَأْتُوا إِلَيْهِمْ مِثْلَ مَا أَتَوْا إِلَيْهِمْ أَوْ يَعْفُوا وَيَصْبِرُوا فَلَمَّا هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَأَعَزَّ اللَّهُ سُلْطَانَهُ نَسَخَ مَا كَانَ تَقَدَّمَ مِنْ ذَلِكَ، رَوَاهُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا1.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ كَانَ فِي أَوَّلِ الأَمْرِ إِذَا اعْتُدِيَ عَلَى الْإِنْسَانِ فَلَهُ أَنْ يَقْتَصَّ لِنَفْسِهِ بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ مُرَافَعَةٍ إِلَى سُلْطَانِ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِوُجُوبِ الرُّجُوعِ إِلَى السُّلْطَانِ فِي إِقَامَةِ الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ. قَالَ شَيْخُنَا2 وَمِمَّنْ حُكِيَ ذَلِكَ عَنْهُ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.

قُلْتُ: وَهَذَا لا يَثْبُتُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ3 وَلا يُعْرَفُ لَهُ صِحَّةٌ، فَإِنَّ النَّاسَ مَا زَالُوا يَرْجَعُونَ إِلَى رُؤَسَائِهِمْ وَسَلاطِينِهِمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلامِ إلا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015