ذِكْرُ الْآيَةِ التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ} 1.

اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مَنْسُوخٌ أَمْ لا عَلَى قولين:

أحدهما: أَنَّ فِيهَا مَنْسُوخًا. وَاخْتَلَفَ أَرْبَابُ هَذَا الْقَوْلِ فِيهِ عَلَى قَوْلَيْنِ:

أحدهما: أَنَّهُ قَوْلُهُ: {الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ} قَالُوا: وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَمَرَ فِي ذِي الْقِعْدَةِ فَصَدَّهُ الْمُشْرِكُونَ عَنْ أَدَاءِ عُمْرَتِهِ فَقَضَاهَا فِي السَّنَّةِ الثَّانِيَةِ فِي ذِي الْقِعْدَةِ فَاقْتَضَى هَذَا، أَنَّ مَنْ فَاتَهُ أَدَاءُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ بِالْإِحْرَامِ الَّذِي عَقَدَهُ فِي الأَشْهُرِ الْحُرُمِ أَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الشَّهْرِ الْحَرَامِ، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ وَجُعِلَ لَهُ قَضَاؤُهُ أَيَّ وَقْتٍ شَاءَ، أَمَّا فِي مِثْلِ ذَلِكَ الشَّهْرِ أَوْ غَيْرِهِ. قَالَ شَيْخُنَا عَلِيُّ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ: وَمِمَّنْ حُكِيَ ذَلِكَ عَنْهُ عَطَاءٌ.

قُلْتُ: وَهَذَا الْقَوْلُ لا يُعْرَفُ عَنْ عَطَاءٍ وَلا يَشْتَرِطُ أَحَدٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ الْمَشْهُورِينَ عَلَى مَنْ مُنِعَ مِنْ عُمْرَتِهِ أَوْ أَفْسَدَهَا أَنْ يَقْضِيَهَا فِي مِثْلِ ذَلِكَ الشَّهْرِ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ قَوْلُهُ: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} 2.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015