الثاني: والقائل بأن المراد شهادة المسلمين من القبيلة أو من غير القبيلة لا يشك في إحكام هذه الآية. فأما القائل بأن المراد بقوله: أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ أهل الكتاب إذا شهدوا على الوصية في السفر فلهم فيها قولان:
الأول: أنها محكمة والعمل على هذا عندهم باق. وهو قول ابن عباس وابن المسيب وابن جبير، وابن سيرين، وقتادة والشعبي والثوري وأحمد بن حنبل.
والثاني: أنها منسوخة بقوله تعالى: وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ [الطلاق: 2] وهو قول زيد بن أسلم وإليه يميل أبو حنيفة ومالك والشافعي، قالوا: وأهل الكفر ليسوا بعدول. والأول أصح، لأن هذا موضع ضرورة فجاز كما يجوز في بعض الأماكن شهادة نساء لا رجل معهن بالحيض، والنفاس، والاستهلال.
: قوله تعالى: إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ [الأنعام: 15].
زعم بعض ناقلي التفسير أنه كان يجب على النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يخاف عاقبة الذنوب، ثم نسخ ذلك بقوله تعالى: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ [الفتح: 2].
قلت: فالظاهر من هذه المعاصي أن المراد بها الشرك؛ لأنها جاءت في عقيب قوله: وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [الأنعام: 14] فإذا قدرنا العفو عن ذنب- إذا كان- لم تقدر المسامحة في شرك- لو تصور- إلا أنه لما لم يجز في حقه، بقي ذكره على سبيل التهديد والتخويف من عاقبته كقوله: لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ [الزمر: 66] فعلى هذا الآية محكمة، يؤكده أنها خبر، والأخبار لا تنسخ (?).
: قوله تعالى: قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ [الأنعام: 66]. للمفسرين فيه قولان:
أنه اقتضى الاقتصار في حقهم على الإنذار من غير زيادة ثم نسخ بآية