الكتاب، الجزية، فهلا أكرههم على الإسلام وقد ردها على إخواننا من العرب، فشق ذلك على المسلمين فنزلت هذه الآية (?).
والرابع: أنه لما عابهم في تقليد آبائهم بالآية المتقدمة أعلمهم بهذه الآية أن المكلف إنما يلزمه حكم نفسه، وأنه لا يضره ضلال من ضل إذا كان مهتديا، حتى يعلموا أنه لا يلزمهم من ضلال آبائهم شيء من الذم والعقاب. وإذا تلمحت هذه المناسبة بين الآيتين لم يكن الأمر للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هاهنا مدخل، وهذا أحسن الوجوه في الآية.
: قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ [المائدة: 106] الإشارة بهذا إلى الشاهدين الذين يشهدان على الموصي في السفر. والناس في قوله: ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ قائلان:
الأول: من أهل دينكم وملتكم.
[143]- أخبرنا عبد الوهاب الحافظ، قال: ابنا أبو الفضل بن خيرون وأبو طاهر الباقلاوي، قالا: ابنا ابن شاذان، قال: ابنا أحمد بن كامل، قال: حدّثني محمد بن سعد، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمي، عن أبيه، عن جده، عن ابن عباس رضي الله عنهما ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أي: من أهل الإسلام.
وهذا قول ابن مسعود وشريح، وسعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير، ومجاهد، وابن سيرين، والشعبي، والنخعي، وقتادة، وأبي مخلد، ويحيى بن يعمر، والثوري، وهو قول أصحابنا (?).
والثاني: أن معنى قوله: مِنْكُمْ أي: من عشيرتكم، وقبيلتكم، وهم مسلمون أيضا؛ قاله الحسن، وعكرمة والزهري والسدي، وعن عبيدة كالقولين.
فأما قوله: أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ فقال ابن عباس: ليست «أو» للتخيير، إنما المعنى: أو آخران من غيركم إن لم تجدوا منكم.
في قوله: من غيركم قولان:
الأول: من غير ملّتكم ودينكم، قاله أرباب القول الأول.
والثاني: من غير عشيرتكم وقبيلتكم، وهم مسلمون أيضا، قال أرباب القول