وكان عبد عمرو نديماً لعمرو بن هند وليساً وإنساً، فدخل معه الحمام، فلما تجرد نظر إليه عمرٌو فقال: كأن، ابن عمك كان يراك حين يقول:

لا عيب فيه غير أن قيل واجدٌ ... وأنَّ له كشحا إذا قام أهضما

حتى أتى على الشعر. فقال: ما قال فيك أيها الملك أشدُّ! قال: وما قال؟ قال: فأنشده:

فليت بنا مكان الملك عمروٍ

إلى آخرها. فقال: لا أصدقك عليه؛ لما بينك وبينه. واحتملها في قلبه على طرفة.

فلما كان بعد ذلك بيسير قال لطرفة وللمتلمس: أظنكما قد اشتقتما أهلكما، فهل لكما في أن أكتب لكما إلى عامل البحرين بصلةٍ وجائزة؟ قالا: نعم. فكتب إليه بقتلهما، فأخذا كتابهما ومضيا، وأحسَّ المتلمسُ بالشر وخاف الداهية، فقال لطرفة: إنَّ حملنا هذين الكتابين ولا ندري ما فيهما عجز، فهل لك أن ننظر فيهما؟ فقال طرفة: لم يكن ليقدم على ولا على قومي، وما بينهما إلاَّ حير! فمرا بنهر الحيرة فإذا بغلمان يلعبون، فكَّ المتلمس صحيفته ودفعها إلى غلامٍ منهم فقرأها فإذا الشرُّ، فألقاها في الماء وقال لطرفة: اعلم أنَّ في كتابك ما في كتابي. فقال: لم يكن ليفعل ولا يجترىءَ على قومي. فقال المتلمس:

قذفتُ بها من جنب كافرٍ ... كذلك أقنو كلَّ قطٍ مضللِ

رضيت لها بالماء لما رأيتها ... يجول بها التيارُ في كلِّ جدول

طور بواسطة نورين ميديا © 2015