يا أمير المؤمنين، قد أتيتك فمر بأمرك. قال: انصرف إلى منزلك فضع ثيابك، وادخل الحمام يذهب عنك كلال السفر. فجعل أبو جعفر ينتظر به الفرص، فمكث به أياماً يأتي أبا جعفر كلَّ يوم فيريه من الإكرام أكثر مما أراه قبل ذلك، ويتزيد في القرب واللطف، حتى إذا مضت له أيامٌ أقبل على التجني عليه، فأتى أبو مسلم عيسى بن موسى فقال: اركب معي يا أمير المؤمنين، فإني أريد عقابه بحضرتك. فقال له: تقدم حتى آتيك. فقال: إني أخافه. فقال له عيسى: أنت في ذمتي. وأقبل أبو مسلم فقيل له: ادخل. فدخل حتى إذا صار إلى الرواق قيل: أمير المؤمنين يتوضأ، فلو جلست؟ فجلس وأبطأ عيسى عليه، وقد هيأ أبو جعفر عثمان بن نهيك العكيّ وهو على حرسه في عدةٍ فيهم شبيب بن واج، وأبو حنيفة، وتقدم إلى عثمان فقال: إذا عاتبته فعلا صوتي فلا تحرَّكوا، فإذا صفقت بيدي فدونك يا عثمان! وقد صيَّر عثمان وأصحابه في رواقٍ خلف أبي جعفر، ثم قيل لأبي مسلم: قد جلس أمير المؤمنين فقم. فقام ليدخل فقيل له: انزع سلفك. فقال: ما كان يصنع هذا بي. قالوا: وما عليك؟ فنزع سيفه وعليه قباءٌ أسود على جبة خزٍ بنفسجية، فدخل فسلم وجلس على وسادةٍ ليس في المجلس غيرها، وخلف ظهره القوم، فقال: يا أمير المؤمنين صنع بي ما لم يصنع بأحد، نزع سيفي من عنقي قال: ومن فعل ذلك بك قبحه الله؟! ثم أقبل يعاتبه: فعلت وفعلتَ. فقال أبو مسلم: ليس يقال هذا لي بعد بلائي وما كان مني! فقال: يا ابن الخبيثة