أعاتكُ لا أنساكِ ما هبت الصبا ... وما ناح قمريُّ الحمامِ المطوقُ

أعاتكُ لا أنساكِ ما حجَّ راكبٌ ... وما لاح نجمٌ في السماء محلقُ

أعاتكُ قلبي كلَّ يومٍ وليلةٍ ... إليك بما تخفي النفوسُ معلقُ

ولولا اتقاء الله في حقِّ والدٍ ... وطاعته ما كان منا التفرقُ

فبلغ أبا بكر شعره فأمره فراجعها، وكانت عنده حتى مات شهيداً، أصابه سمه في حصار الطائف فانتقض به جرحه فمات، فقال لعاتكة حين احتضر: لك حديقة من مالي ولا تزوجي. ففعلت ذلك. وقال حين راجعها:

أعاتكُ قد طلقت عني بغضةٍ ... وراجعت لأمر الذي هو كائنُ

كذلك أمر الله غادٍ ورائحٌ ... على الناس فيه ألفةٌ وتباينُ

وقد كان قلبي للتفرق طائراً ... وقلبي لما قد قرب الله ساكنُ

أعاتكُ إني لا أرى فيك سقطةً ... وإنك قد حلت عليك المحاسنُ

وإنك ممن زين اللهُ أمرهُ ... وليس لما قد زين اللهُ شائنُ

فمات عبد الله وترك سبعة دنانير، فقال أبو بكر: إنا لله، كيف يصبر ابني على سبع كيات. فلما مات عبد الله قالت عاتكة:

فجعتُ بخير الناس نبيهم ... وبعد أبى بكر وما كان قصرا

فآليتُ لا تنفك عيني سخينةً ... عليك ولا ينفكُ جلديَ أغبرا

مدى الدهر ما غنت حمامةُ أيكةٍ ... وما طردَ الليلُ الصباحَ المنورا

فلله عينا من رأى مثله فتى ... أكرَّ وأحمى في الجهاد وأصبرا

إذا شرعت فيه الأسنةُ خاضها ... إلى الموت حتى يترك الرمحَ أحمرا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015