وكان سبب قتله أن طيئاً كانوا يسكنون الجوف من أرض اليمن، وهو اليوم محله مراد وهمدان، وكان مسكنهم وادياً يدعى ظريباً، وكان سيدهم يومئذ أسامة بن لؤي بن الغوث بن طيئ، وكان الوادي مسبعة وهم قليل عديدهم، وقد كان ينتابهم بعير في أزمان الخريف، فيضرب في إبلهم، فإذا انقطع الخريف لم يدر أين يذهب، ولم يروه إلى قابل. وكانت الأزد قد خرجت من اليمن أيام العرم فتفرقت، فاستوحشوا لذلك، وقالوا: قد ظعن إخوتنا فصاروا إلى الأرياف. فلما هموا بالظعن قالوا: يا قوم، إن هذا البعير الذي يأتينا، من بلد ريف وخصب، وإنا لنصيب في بعره النوى، ولو أنا تعهدناه عند انصرافه فشخصنا معه لعلنا نصيب مكاناً خيراً من مكاننا هذا. فأجمعوا أمرهم على ذلك. فلما كان الخريف جاء الجمل فضرب في إبلهم، فلما انصرف احتملوا فتبعوه، فجعلوا يسيرون بسيره، ويبيتون حيث يبيت، حتى هبط بهم على الجبلين، فقال أسامة بن لؤي:
اجعلْ ظريباً كحبيبٍ ينسى ... لكلِّ قومٍ مصبحٌ وممسي
فهجمت طيئ على النخل في الشعاب، ومواش كثيرة وحشية كانت لقوم من جديس، وإذا هم برجل في شعب من تلك الشعاب، وهو الأسود بن عفار،