(الثالث) : في الطيب من الطبيخ واللذيذ من الغناء. اختلف الناس في ذلك ثم اتفقوا على أن هذا أمر يقال بالقياس إلى السمع والذوق، وكلما كانت هاتان الحاستان سليمتين في جوهرهما، معتدلتين في مزاجهما ذكيتين في حسهما كان ما يدركانه لذيذاً في نفسه وعندهما. ومتى خرجت عن طباعها وهذا بلا نهاية عندنا كان اللذيذ بقياسنا لا في نفسه. ولهذا بعض الناس يستفره نقرة فيقول: الغناء ما أطرب. وآخر لاهٍ عن تلك النقرة، وواحد يشتهي لوناً، وآخر عنده ذلك اللون غير شهي.

ومن ذلك اعتبارات الصنائع على اختلافها في العبيد والإماء، أربعة فصول، منها: الطباخات: عمدة الطبيخ على طيب المرق وجودة المزاج، فإن اتفق للطباخة مع هذا جودة الصنعة وسرعة العمل فذاك غاية الأمل. وقل ما يتفق أن تكون كاملة في البوارد والشواء والطبيخ والحلواء على أصنافها الثلاثة، فهذا مما يعجز عنه قدر النساء. والذي يمتحنون به الإسفيداج، والديكبراكة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015