الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه الطيبين الطاهرين.
[أما بعد] فهذه كلمات ذكرتها لمعنى التلميذ، فإني لم أجد هذه الكلمة مذكورة في كتب اللغة المتداولة، المدونة [لبيان] الجليل والحقير، وذكر النقير والقطمير، كالجمرة لابن دريد، والصحاح للجوهري، والمحكم لابن سيدة، والعباب للصاغاني، والقاموس لمجد الدين الفيروزابادي، وغيرها، إلا في لسان العرب لابن مكرم، فإنه أورده في مادة (تلمذ) وقال: "التلاميذ: الخم والأتباع، واحدهم تلميذ"، مع أنها كلمة متداولة بين العام والخاص، وكثيرة الاستعمال في تآليف العلماء الأعلام.
وكان الباعث لهذا أني لما قرأت كتاب مغنى اللبيب، ووصلت إلى قوله في الباب الخامس "حكي لي أن بعض مشايخ الإقراء أعرب لتلميذ له بيت المفصل" رأيت شارحه الفاضل إبراهيم بن الملا الحلبي قال: "التلميذ: القارئ علي الشيخ. ولم أقف عليه في شيء من كتب اللغة المتداولة كالصحاح والقاموس وغيرهما".
فحينئذ تتبعت بطون الدفاتر، من مصنفات الأوائل والأواخر، حتى رأيته في كتاب النبات لأبي حنيفة الدينوري، فإنه ساق فيه شعرا للبيد بن ربيعة العامري الصحابي وفيه هذا البيت:
فالماء يجلو متونهنّ كما ... يجلو التلاميذ لؤلؤاً قشبا
وقال بعد إنشاد الأبيات: "التلاميذ غلمان الصناع. والقشب والقشيب: الجديد، والجمع القشب".