وهي لثغة شنيعة كانت تقع له في حرف الراء فتحرجه في ذلك أيما إحراج فيتأتى لها بمجانبتها إلى سواها من الحروف، ويحمل على نفسه في هذا الأمر ويجهدها فيوفق توفيقاً بالغاً.

قال أحد معاصريه:

ويجعل البر قمحاً في تصرفه ... وجانب الراء حتى تحتال للشعر

ولم يطق مطراً والقول يعجله ... فعاذ بالغيث إشفاقاً من المطر

قال الجاحظ: وسألت عثمان البري: كيف كان واصل يصنع في العدد، وكيف كان يصنع بعشرة وعشرين وأربعين، وكيف كان واصل بالمحرم وصفر وربيع الأول وربيع الآخر وجمادى الآخرة ورجب؟ فقال: مالي فيه إلا ما قال صفوان:

ملقن ملهم فيما يحاوله ... جمٌّ خواطره جواب أفاق

الراء من أكثر الحروف دورانا: وقد لحظ الجاحظ، وهو صادق فيما فطن له، أن الراء من أكثر الحروف دوران في الكلام العربي، قال: أنشدني ديسم قال: أنشدني أبو محمد اليزيدي:

وخلة اللفظ في الياءات إن ذكرت ... كخلة اللفظ في اللامات والألف

وخصلة الراء فيها غير حافيةٍ ... فاعرف مواقعها في القول والصحف

يزعم أن هذه الحروف أكثر ترداداً من غيرها، والحاجة إليها أشد. ثم قال الجاحظ: "واعتبر ذلك بأن تأخذ عدة رسائل وعدة خطب من جملة خطب الناس ورسائلهم، فإنك متى حصلت جميع حروفها وعددت كل شيء على حدة علمت أن هذه الحروف الحاجة إليها أشد".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015