هو الذي في يدي وأنه هو الذي غصبوه من الناس. وأن أمير المؤمنين يعلم أن بني أمية كانت لهم أموال لأنفسهم غير أموال المسلمين التي اغتصبوها على ما يتهم أمير المؤمنين؟ قال: فسكت المنصور ساعة، ثم قال: يا ربيع، صدق الرجل ما يجب لنا على الرجل شيء، ثم قال للرجل: ألك حاجة؟ قال: نعم.
قال: ما هي؟ قال: أن تجمع بيني وبين من سعى في إليك فوالله يا أمير المؤمنين ما لبني أمية عندي مال ولا سلاح. وإنما أحضرت بين يديك وعلمت ما أنت فيه من العدل والإنصاف واتباع الحق واجتناب المظالم، فأيقنت أن الكلام الذي صدر مني هو أنجح وأصلح لما سألتني عنه.
فقال المنصور: يا ربيع، اجمع بينه وبين الذي سعى به فجمع بينهما. فقال: يا أمير المؤمنين، هذا أخذ لي خمسمائة دينار وهرب، ولي عليه مسطور شرعي.
فسأل المنصور الرجل فأقر بالمال. قال: فما حملك على السعي كاذباً؟ قال: أردت قتله ليخلص لي المال.
فقال الرجل: قد وهبتها له يا أمير المؤمنين، لأجل وقوفي بين يديك وحضوري مجلسك ووهبته خمسمائة دينار أخرى لكلامك لي.
فاستحسن المنصور فعله وأكرمه ورده إلى بلده مكرماً.
وكان المنصور كل وقت يقول: ما رأيت مثل هذا الشيخ قط، ولا أثبت من جنانه ولا من حجني مثله ولا رأيت مثل حمله ومروءته، انتهى.