خليلي! ريا قد أجد بكورها ... وسار إلى أرض السماوة عيرها

خليليّ! إني قد عييت عن البكا ... فهل عند غيري عبرة أستعيرها؟

فقلت له: يا عتبة إني وردت بمال جزيل أريد به أهل الستر، ووالله لأبذلنه أمامك حتى تبلغ رضاك وفوق الرضا. قم بنا إلى مسجد الأنصار، فقمنا حتى أشرفنا على مائهم فسلمت فأحسنوا الرد ثم قلت: أيها الملأ، ما تقولون في عتبة وأبيه؟ قالوا: من سادات العرب، قلت: فإنه رمي بداهية من الهوى فأريد منكم المساعدة إلى السماوة، قالوا: سمعاً وطاعة.

وركبنا وركب القوم معنا حتى أشرفنا على منازل بني سليم فأعلم الغطريف بمكاننا فخرج مبادراً واستقبلنا وقال: حييتم يا كرام! قلنا: وأنت حييت، إنا لك أضياف، فقال: نزلتم بأكرم منزل.

ثم نادى: يا معشر العبيد انزلوا. فنزلت العبيد ففرشت الأنطاع والنمارق وذبحت النعم والغنم. فقلنا: لسنا بذائقين طعامك حتى تقضي حاجتنا. قال: وما حاجتكم؟ قلنا: نخطب ابنتك الكريمة لعتبة بن الخباب بن المنذر العالي الفخر الطيب العنصر. فقال: يا أخي إن التي تخطبونها أمرها إلى نفسها، وأنا أدخل وأخبرها.

ثم نهض مغضباً ودخل إلى ريا فقالت: يا أبتي! ما لي أرى الغضب بين عينيك؟ فقال: ورد علي قوم من الأنصار يخطبونك مني. فقالت: سادات كرام استغفر لهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلمن الخطبة فيهم؟ قال: لفتى يعرف بعتبة بن الخباب، قالت: سمعت عن عتبة هذا أنه يقي بما وعد ويدرك ما طلب. قال: أقسمت لا أزوجك به أبداً فقد نمى إلي بعض حديثك معه. قالت: ما كان ذلك؟ قال: ولكن أقسمت أني ما أزوجك به. قالت: أحسن إليهم فإن الأنصار لا يردون رداً قبيحاً، فأحسن الرد. قال: بأي شيء؟ قالت: أغلظ عليهم المهر فإنهم يرجعون. قال: ما أحسن ما قلت.

ثم خرج مبادراً. فقال: إن فتاة الحي قد أجابت ولكن أريد لها مهر مثلها، فمن القائم به؟ قال عبد الله فقلت: أنا! فقال: أريد لها ألف سوار من ذهب أحمر، وخمسة آلاف درهم من ضرب هجر، ومائة ثوب من الأبراد والحبر، وخمسة أكرشة من العنبر.

قال قلت: لك ذلك، فهل أجبت؟ قال: أجل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015