فِي الصَّدْر لِأَن عين الْفُؤَاد فِي الصَّدْر وشعاع الْعقل يشرق من الصَّدْر فبذلك الْإِشْرَاق يَهْتَدِي الْقلب إِلَى مَا حسن وقبح وَإِنَّمَا نزل الْقُرْآن بِتَحْرِيم الْخمر وَالْخمر اسْم لما خمر الْفُؤَاد أَي يغطيه ويحول بَينه وَبَين شُعَاع الْعقل وكل شراب كَانَت فِيهِ هَذِه الصّفة فقد لزمَه اسْم الْخمر وَلَزِمَه التَّحْرِيم
وَلذَلِك قَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ الْخمر مَا خمر الْعقل أَي غطاه وَلذَلِك قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (كل مُسكر خمر وكل خمر حرَام) الْمُسكر هُوَ المفعل للسكر وَالسكر سد الْعقل وَمِنْه يُقَال لسد النَّهر سكر وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {سكرت أبصارنا} أَي سدت
فالماء جَار فِي النَّهر فَإِذا ألقيت فِي بعض طَرِيقه كيسا من التُّرَاب وَغَيره بَقِي المَاء إِلَى حَيْثُ انْتهى فَصَارَ مَا سفل من الْكيس فِي بطن النَّهر خَالِيا فَكَذَلِك الْعقل قراره فِي الدِّمَاغ ثمَّ شعاعه جَار إِلَى الصَّدْر إِلَى عَيْني الْفُؤَاد لتدبير الْأُمُور وتمييز الْحسن والقبيح والضر والنفع فَإِذا شرب هَذَا الشَّرَاب وَلم يكن أَخذ قوته بالطبخ فالعدو مِنْهُ بِنَصِيبِهِ يخلص إِلَى الصَّدْر برجاسته ونجاسته فَإِذا وَقعت هَذِه النَّجَاسَة والظلمة فِي هَذَا الطَّرِيق بَين عَيْني الْفُؤَاد وَالرَّأْس صَار سدا فَيبقى الصَّدْر مظلما وَمَا وَرَاء السد مَا يَلِي الرَّأْس مضيئا مشرقا لَا ينْتَفع بذلك عينا الْفُؤَاد فَيبقى الصَّدْر خَالِيا كَمَا بَقِي النَّهر وَيبقى عينا الْفُؤَاد فِي ظلمَة مَا جَاءَ بِهِ الْعَدو فَسمى ذَلِك فِي النَّهر سكرا بِفَتْح السِّين