وَإِذا ختم العَبْد الدُّعَاء بآمين صَار الدُّعَاء مطويا بِالْكتاب مصونا عَن الْآفَات وَعَن تنَاوله وإطلاع مَا فِيهِ وَإِنَّمَا ختم الْكتاب لِئَلَّا ينشره أحد وَلَا يطلع عَلَيْهِ فَإِذا ختم العَبْد الدُّعَاء بآمين صانه عَن أَن يطلع فِيهِ وَصعد إِلَى الله بالختم مطويا مصونا عَن الْآفَات فَيُجِيبهُ الله تَعَالَى لِأَنَّهُ قد سبق مِنْهُ القَوْل بالخصوصية لأمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ تَعَالَى {ادْعُونِي أَسْتَجِب لكم}
وَفِيهِمْ مَا فيهم من قلَّة الشُّكْر وَالْوَفَاء وَكَثْرَة التَّخْلِيط وَالِاسْتِخْفَاف بِأَمْر الله والإعراض عَن حق الله فَلَو لم يعطهم الْخَتْم حَتَّى يختموا دعاءهم آمين فَيصير الْخَتْم مَانِعا لجَمِيع الْخلق بَين العَبْد وَبَين الله من الْهَوَاء إِلَى الْعَرْش فَكَانَ ممر دعائنا إِلَى الْعَرْش مَحل الدُّعَاء ومعدن الْإِجَابَة وَالْقَضَاء لَكَانَ لَا يَخْلُو من أَن يتَعَرَّض متعرض لإفساد ذَلِك حمية لله تَعَالَى فَإِن الْخلق كلهم مطيعون فَإِذا مرت عَلَيْهِم دَعْوَة العصاة لم يُؤمن أَن يرموا فِيهَا شَيْئا يكون فِيهِ فَسَادًا
قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن على أَبْوَاب السَّمَاء حِجَابا يردون أَعمال أهل الْكبر والحسد والغيبة
وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن العَبْد ليقول يَا رب اغْفِر لي وَقد أذْنب فَتَقول الْمَلَائِكَة يَا رب إِنَّه لَيْسَ لذَلِك بِأَهْل قَالَ الله تَعَالَى لكني أهل أَن أَغفر لَهُ
فقد أعْطى الله تَعَالَى هَذِه الْأمة كلمة الْخَتْم وَهِي آمين ليصعد دعوتهم إِلَيْهِ مختومة لَا يطلع على مَا فِيهَا أحد حَتَّى لَا يَجدوا سَبِيلا