الَّتِي هِيَ سَاكِنة فَإِذا نظرت الْعين وحظها من الدُّنْيَا زِينَة الْأَشْيَاء وألوانها فَإِذا أخذت الزِّينَة وألوانها على غَفلَة وتخطى إِلَى مَا لم يُؤذن لَهُ فِي النّظر إِلَيْهَا أَو فِيمَا أذن لَهُ وَهُوَ غير ذَاكر لله خلصت تِلْكَ الزِّينَة الَّتِي بيد الْعَدو إِلَى النَّفس فهيجتها فَصَارَت بِمَنْزِلَة السم يدب فِي جَمِيع الْجَسَد فَإِذا تأدت إِلَى الْقلب خالطت حلاوة الْإِيمَان وحرارته فتكدر الْإِيمَان وانكسفت الْمعرفَة فَصَارَت بِمَنْزِلَة شمس صَارَت فِي كسوف فعلق الْقلب بِتِلْكَ النظرة بالمنظور إِلَيْهَا وَصَارَت كجراحة مَسْمُومَة وَالَّذِي حل بِدَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام إِنَّمَا كَانَ من نظرة وَاحِدَة وَالْعَبْد أعْطى جفون الناظرين حجَّة عَلَيْهِ وقطعا لعذره وإخراسا لِلِسَانِهِ

وَفِي الْخَبَر أَن الله تَعَالَى يَقُول يَا (ابْن آدم إِن نازعتك عَيْنك فأطبق فقد جعلت لَهما طبقًا وَإِن نازعك لسَانك فأطبق فقد أَعطيتك طبقًا وَإِن نازعك فرجك فأطبق فقد أَعطيتك طبقًا) يُرِيد بِهِ الفخذين فَهَذَا من الله تأييد لعَبْدِهِ فَإِذا اسْتقْبل زِينَة الشَّيْطَان الَّتِي أعدهَا لغوايته بهَا بتأييده الَّذِي أيده بِهِ جَاءَت الْعِصْمَة بعد التأييد وسكنت النَّفس وَبَطل كيد الْعَدو وأثابه الله فِي عَاجل الدُّنْيَا ثَوابًا أَن رزقه عبَادَة يجد حلاوتها مَعَ مَا يدّخر لَهُ من ثَوَاب الْأَجَل

وَفِي الْخَبَر (مَا ترك العَبْد شَيْئا من الدُّنْيَا لله إِلَّا آتَاهُ الله خيرا مِنْهُ وَأفضل)

وَقَالَ تَعَالَى فِي قصَّة سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام {نعم العَبْد إِنَّه أواب} إِلَى قَوْله {وَإِن لَهُ عندنَا لزلفى وَحسن مآب}

أخرجت لَهُ خُيُول من الْبَحْر منقوشة ذَوَات أَجْنِحَة فشغلته عَن صَلَاة الْعَصْر حَتَّى غربت الشَّمْس فَدخلت عَلَيْهِ حرقة الْفَوْت وَوجد من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015