بِهِ الْقرْبَة فالحراسة هَهُنَا للأمانة من الخواطر فَإِن حرسها بِحَقِّهَا وصدقها تحول الضَّوْء الَّذِي كَانَ بدءا شعاعا يتوهج يخطف بصائر النَّفس فضوء الْإِيمَان للصادقين مَعَ جهدهمْ وشعاعه للصديقين مَعَ تفويضهم فَإِن الْكفْر كليل مظلم وَالْإِيمَان فِي الصَّدْر كَالْقَمَرِ فالموحدون يَأْخُذ كل من ذَلِك الْقَمَر بِقَدرِهِ وكل مُطِيع يَأْخُذ بِقَدرِهِ من الضَّوْء فَإِذا كَانَ صَادِقا مُطيعًا لله فِي كل جارحة فَالظَّاهِر مُسْتَقِيم وَالْبَاطِن فَاسد مجهود صَار كمن أقمر لَيْلَة بدر أَو صَار ضوء إيمَانه كَالْقَمَرِ لَيْلَة الْبَدْر
إِلَّا أَن الضَّوْء لَيْسَ لَهُ شُعَاع وَلَا حريق وَمن فتح لِقَلْبِهِ الطَّرِيق إِلَى الله تَعَالَى فَصَارَ على مَنْهَج الصدْق وَهُوَ الْبَذْل لنَفسِهِ لله غير ملتفت إِلَيْهَا تحول قمره شمسا فَإِنَّمَا يَبْدُو لِقَلْبِهِ من شُعَاع تِلْكَ الشَّمْس بِمِقْدَار مَا كَانَ يَبْدُو من الْقَمَر فِي مُبْتَدأ أمره فَلَا يزَال يسير حَافِظًا للأمانة فِي العطايا حَتَّى تَزُول عَنهُ الْخِيَانَة ويتبرأ من النَّفس وينسيها وافتقد مَشِيئَته بِمَشِيئَة مَوْلَاهُ وَنسي أَحْوَال نَفسه لما طالع من العظائم وأشرقت شمسه بِتَمَامِهَا بِجَمِيعِ شعاعها وَذَلِكَ قَوْله لداود عَلَيْهِ السَّلَام (يمشي تَمامًا وَيَقُول صَوَابا) وَقَوله تَعَالَى {ثمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكتاب تَمامًا على الَّذِي أحسن} وَهُوَ الْمُؤمن المستكمل لوقارة الْإِيمَان وبهائه
قَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ وددت أَنِّي شَعْرَة فِي صدر مُؤمن
وَقَالَ تَعَالَى حِين أثنى على إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام {إِنَّه من عبادنَا الْمُؤمنِينَ}
وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (ثَلَاثَة تَحت الْعَرْش الْقُرْآن لَهُ ظهر وبطن يحاج الْعباد