أَمَانَة وَالْيَد أَمَانَة وَالرجل أَمَانَة فَالَّذِي يكْشف لَك عَمَّا خبأه الله إهمالا وَاسْتعْمل بِغَيْر حق اسْتوْجبَ هَذِه الْعُقُوبَات وَالَّذِي فِي الدُّنْيَا النكال وَالرَّجم وَأما الَّذِي فِي الْآخِرَة فَإِن أهل النَّار يتأذون من نَتن فروج الزناة ويزدادون بذلك عذَابا وَلذَلِك قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَكثر مَا يدْخل النَّاس النَّار الأجوفان الْبَطن والفرج)
فقد قلد كل جارحة بِقسْطِهِ من الْأَمَانَة فَمن استبدل بهَا خِيَانَة انْتقصَ من وزن إيمَانه وَمن ضوئه مَا دَامَ حَيا وضوء الْإِيمَان رَأس مَال الْمُوَحِّدين بِهِ يستضيئون فِي السّير إِلَى الله تَعَالَى فِي الطَّاعَات فَإِذا غَابَ الضَّوْء ضل الْقلب بِمَنْزِلَة قمر وَقع فِي كسوف فكسوف ضوء الْأَمَانَة فِي ظلمَة الْخِيَانَة فَكل فعل حرم الله على جارحة من الْجَوَارِح فهتك تِلْكَ الْجَارِحَة ذَلِك السّتْر وانهتكت تِلْكَ الْحُرْمَة بِرَفْع حجابها فقد خَان الْأَمَانَة فالمتقون فَهموا هَذِه الْقِصَّة فخرست ألسنتهم عَن أَن تنطق بِمَا نهى الله عَنهُ والسمع إِلَى الِاسْتِمَاع إِلَى مَا نهى الله عَنهُ وكل عُضْو كَذَلِك وحفظوا الْقلب وساحته وَهِي الصَّدْر مَعَ الله تَعَالَى وَفِيمَا بَينه وَبَين الْخلق فَكلما زلت جارحة من جوارحك بِفعل حظر الله عَلَيْك فقد ضيعت الْأَمَانَة بِقَدرِهَا وانكسف من ضوء قمرك بِقَدرِهِ وَنقص من وزن إيمانك غَدا بِقَدرِهِ فَإِذا حكمت شَأْن الْجَوَارِح السَّبع وجعلتها فِي وثاق الْأَمَانَة فقد نجوت فَإِن كَانَ مِمَّن فتح لَهُم الطَّرِيق فَسَار إِلَى الله صَار حفظ الْأَمَانَة أصعب وَأعظم خطرا وأوفر حظا من ثَمَرَته لِأَنَّهُ حَتَّى الْآن كَانَ فِي كسب الْجَوَارِح عملا ينَال بِهِ أجرا والآن قد وَقع فِي كسب الْقلب سعيا إِلَى الله ينَال