وَقَوله (واجعله الْوَارِث مني) أَي اجْعَل بَصرِي آخر مَا يخرج مني فَيكون قد ختمت لي بِالنُّبُوَّةِ والتوحيد وَالْعقل فَيكون بَصرِي هُوَ الْوَارِث لجوارحي فَإِن هَذِه الْأَبْصَار قد اجْتمعت فِي هَذَا الْبَصَر فَكَانَ آخر مَا يخرج مني لطافة الرّوح وَهُوَ بصر الْعين فَقَط فالسعيد من قبض روحه وَكَانَ آخر مَا يخرج مِنْهُ بصر توحيده وعقله والشقي من سلب ذَلِك ثمَّ قبض روحه فَكَانَ آخر مَا يخرج مِنْهُ بصر روحه فَقَط

قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن الرّوح إِذا فَارق الْجَسَد تبعه الْبَصَر أَلا ترى إِلَى شخوص عينه)

فَسَأَلَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الإمتاع ببصره أَن يديم لَهُ ذَلِك إِلَى أَن تُفَارِقهُ روحه وَكَانَ آخر مَا يخرج عَنهُ بَصَره لِأَنَّهُ كَانَ مُتَّصِلا ببصر الْعقل والتوحيد وَالْولَايَة والنبوة والرسالة والقيادة والسيادة حَتَّى يكون ذَلِك ختاما لأَمره

وَقَوله (وَأَرِنِي ثَأْرِي) مَعْنَاهُ أَرِنِي ببصري هَذَا مَا يكون فِي أمتِي إِلَى آخر الدَّهْر من النُّصْرَة لما جِئْت بِهِ فاستجيب لَهُ فأري ملك فَارس وَالروم فِي أمته ومنازل الْحُكَمَاء وَالْعُلَمَاء وَالْأَئِمَّة الهادية بِالْحَقِّ والقائمة بِالْعَدْلِ والفتن الَّتِي هِيَ كائنة فِي أمته وَالرَّحْمَة الَّتِي عمتهم

وَقَوله (وَانْصُرْنِي على من ظَلَمَنِي) ظلم الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يكذب وتنفى عَنهُ منَّة الله تَعَالَى عَلَيْهِ فِي شَأْن النُّبُوَّة فَسَأَلَ إِظْهَار حَقه الَّذِي جَاءَ بِهِ فَكَانَت تِلْكَ نصْرَة النُّبُوَّة فَكَانَ المستعدي عَلَيْهِ على أحد أَمريْن إِمَّا أَن يهديه الله تَعَالَى وَإِمَّا أَن يقْتله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015