الَّذِي نطق بِهِ فِي الصَّدْر وَإِذا كَانَ بِغَيْر صَوت فَهُوَ رمز لِأَنَّهُ إِشَارَة إِلَى حُرُوف شَفَتَيْه فَيقوم مقَام الصَّوْت فيفهم مِنْهُ وَأما الرَّمْز فَإِذا خرج الصَّوْت من جو الصَّدْر إِلَى جو الرَّأْس حرك الحنجرة المركبة بَعْضهَا على بعض حَتَّى يرد الصَّوْت ويرجعه فَإِذا تردد صَارَت لَهُ صداء وَبِذَلِك الصداء يَتلون الصَّوْت فَيصير ألوانا فتلذذ بِهِ لِأَن بَين اللونين تدبيرا من تَدْبِير الله تَعَالَى ولطفا من لطفه ففصل بَين اللونين حَتَّى إِذا سَمِعت الأول ورد الثَّانِي ثمَّ عَاد الأول فورد على السّمع طريا ثمَّ عَاد الثَّانِي فورد طريا فَتلك الطراوة على السماع وجود اللَّذَّة وَلِهَذَا إِذا دَامَ اللَّوْن سمج وفقدت لذته فَأخْبر عَلَيْهِ السَّلَام أَن هَذِه الْأَصْوَات الزَّائِدَة على أصوات الْعَامَّة من عَطاء رَبنَا وفضله وَإِنَّمَا يُؤْتِي من يَشَاء من رَحمته فَلَمَّا بلغ ذَلِك أَبَا مُوسَى رَضِي الله عَنهُ عظمت منَّة الله تَعَالَى عَلَيْهِ أَن ركب فِي جِسْمه وخلقته شَيْئا لَهُ موقع عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من عطايا ربه فَقَالَ لَو علمت أَنَّك تسمع لقراءتي لحبرته تحبيرا
والتحبير تلوين الصَّوْت وَمِنْه برد حبرَة إِذا كَانَ ذَا ألوان وَقَالَ تَعَالَى {فِي رَوْضَة يحبرون}
وَخص أهل الْيَقِين بِهَذَا لِأَن النُّور يفتح سدد تِلْكَ الطّرق الَّتِي هِيَ مخارج الصَّوْت فيصفو
قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام (لم يبْعَث نَبِي إِلَّا حسن الصَّوْت حسن الصُّورَة)
وَأَبُو مُوسَى رَضِي الله عَنهُ كَانَ من أَوْلِيَاء الله تَعَالَى المشتعلة