وَرُوِيَ أَن يحيى بن زَكَرِيَّا عَلَيْهِمَا السَّلَام إِذا لقى عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام بَدَأَ بِالسَّلَامِ فَسلم عَلَيْهِ وَكَانَ لَا يلقاه إِلَّا باشا مُتَبَسِّمًا وَلَا يلقى عِيسَى إِلَّا مَحْزُونا شبه الباكي فَقَالَ لَهُ عِيسَى إِنَّك تَبَسم تَبَسم رجل يضْحك كَأَنَّك آمن فَقَالَ يحيى إِنَّك لتعبس تعبس رجل يبكي كَأَنَّك آيس فَأوحى الله تَعَالَى إِلَى عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام أَن أحبكما إِلَيّ أكثركما تبسما
وَأما المصافحة هُوَ الْأَخْذ بِالْيَدِ وَهُوَ كالبيعة لِأَن من شَرَائِط الْإِسْلَام الْأُخوة قَالَ الله تَعَالَى {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إخْوَة} وَقَالَ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَات بَعضهم أَوْلِيَاء بعض ...
شَرط الله تَعَالَى فِيمَا بَينهم الْأُخوة وَالْولَايَة فَإِذا لقِيه فصافحه كَأَنَّهُ يبايعه على هَاتين الخصلتين فَفِي كل مرّة يلقى يجدد بيعَته فيجدد الله تَعَالَى لَهما ثَوابًا كَمَا يجدد الْمُصَاب الاسترجاع فيجدد لَهُ ثَوَاب الْمُصِيبَة ويجدد صَاحب النِّعْمَة الْحَمد فيجدد لَهُ ثَوَاب الشُّكْر فللسابق إِلَى تَجْدِيد لَهُ تسعون رَحْمَة كتمسكه بِالْولَايَةِ والأخوة وَإِقَامَة الْحُرْمَة وَأول مَا ظَهرت الْبيعَة يَوْم الْمِيثَاق
وَلذَلِك قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا الرُّكْن يَمِين الله يُصَافح بِهِ عباده يَوْم الْقِيَامَة لأَنهم يَوْم الْمِيثَاق بَايعُوا الله فصافحوا الْحجر فَلَمَّا أنزلهُ من الفردوس وضع فِي ركن الْبَيْت ودعى النَّاس إِلَيْهَا ليجددوا بيعتهم فَكلما تَمسحُوا فَذَلِك مِنْهُم بيعَة متجددة