جَاءَت ممزوجة وَالله تَعَالَى أعلم بدواء الْعباد وحاجتهم إِذْ وَلَو شَاءَ لصنفها أصنافا كل صنف عل حِدة لكنه مزجها ليعْمَل على الْقُلُوب على المزاج وَلَا يفهم نظامه إِلَّا الْأَنْبِيَاء والأولياء عَلَيْهِم السَّلَام وَحرَام على قُلُوب التفتت إِلَى أَحْوَال النَّفس أَو حجبت عقولها عَنهُ لشَهْوَة أَن تفهم نظامه فنظامه فِي جَمِيع كَلَامه نظام يعجز عَنهُ الواصف والمفكر وَمن هَذَا النظام تخرج اللطائف وَكَانَ بِلَال رَضِي الله عَنهُ عجز عَن إِدْرَاكه فقصد مَا تطيب بِهِ النُّفُوس من آيَات الرَّحْمَة فَأمره النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يقْرَأ على نظام رب الْعِزَّة وَهُوَ أعلم بالشفاء فانه سَمَّاهُ شِفَاء لما فِي الصُّدُور فَإِن فِي الصُّدُور دَاء النُّفُوس وَهِي الشَّهَوَات وَإِذا جَاءَت مواعظ الله تَعَالَى جَاءَت بالشفاء مَعهَا فَذهب الدَّاء ثمَّ مثل شَأْن بِلَال رَضِي الله عَنهُ بالنحلة تَغْدُو فتآكل حلوا وَمَرا ثمَّ يُمْسِي كلهَا حلوا فَكَذَلِك الْمُؤمن يَتْلُو آيَة الْوَعْد فيسر قلبه ثمَّ يَتْلُو آيَة الْوَعيد فينكسر قلبه فَهُوَ بَين خوف ورجاء فَهَذَا حُلْو وَذَاكَ مر ثمَّ يطمئن إِلَى رَحْمَة الله تَعَالَى وَإِلَى مَعْرفَته بربه فَيصير حلوا كُله قَالَ الله تَعَالَى تقشعر مِنْهُ جُلُود الَّذين يَخْشونَ رَبهم ثمَّ تلين جُلُودهمْ وَقُلُوبهمْ إِلَى ذكر الله
اقشعرت الْجُلُود من هول الْوَعيد الَّذِي حل بقلوبهم فَهَذِهِ مرَارَة ثمَّ اطمأنت جُلُودهمْ وَقُلُوبهمْ إِلَى ذكر الله تَعَالَى بِمَا عرفوه كَرِيمًا رحِيما سَمحا جوادا ودودا رؤوفا فطابت نُفُوسهم ولانت جُلُودهمْ فَإِذا تَلا وعده رجا وَإِذا تَلا وعيده خَافَ ثمَّ التَّوْحِيد لَا يَدعه حَتَّى يجذب قلبه إِلَى ربه تَعَالَى فيطمئن إِلَى عطفه فشبهه بالنحلة تَأْكُل حلوا وَمَرا ثمَّ أَمْسَى فَعَاد كُله حلوا