شَيْء حَبَّة وحبة كل شَيْء وَسطه وجوفه ولبابه فنال الْقرْبَة بأَدَاء الْفَرَائِض وَنفل بالمحبة بالتطوع فأوصل إِلَى أقرب الْقرْبَة وحبته فهناك يحيى قلبه بالحي الَّذِي لَا يَمُوت فَإِذا أَحْيَاهُ بِهِ كَانَ سَمعه وبصره وفؤاده وَلسَانه

وَقَوله وَمَا تعبد لي عَبدِي بِمثل الزّهْد فِي الدُّنْيَا هَكَذَا شَأْن العَبْد يزهد فِي كل شَيْء لم يقدر لَهُ فِي اللَّوْح فَمَا أعطي علم أَنه كَانَ قدر لَهُ فَقبله وَمَا منع علم أَنه لم يكن قدر لَهُ فَرفع عَنهُ باله فَإِذا فعل ذَلِك فقد أبرز صدق الْعِبَادَة وتهاون بالدنيا فَلم يلحظ إِلَيْهَا فَهَذَا مِنْهُ تَصْدِيق إِيمَان وَتَحْقِيق لِأَنَّهُ لما أَيقَن بِالآخِرَة وَنظر إِلَيْهَا بِنور الْيَقِين تلاشت الدُّنْيَا فِي عينه فِي جنب مَا أعد الله لَهُ فِي الْآخِرَة فصغرت عِنْده وزهدت وَإِذا قل الشَّيْء فِي عين الْمَرْء تهاون بِهِ فَإِنَّمَا أبصروا قلَّة الدُّنْيَا بِنور الْإِيمَان الَّذِي أبصروا بِهِ كَثْرَة الْآخِرَة وعظمها فنيلوا بذلك وشرفوا وأعرضوا عَن جَمِيعهَا إِلَّا مَا قدر لَهُم فِي اللَّوْح فَعَظمُوا ذَلِك الْقدر الَّذِي أوصل إِلَيْهِم لأَنهم علمُوا أَن هَذَا وصل إِلَيْهِم بتدبير الله تَعَالَى وصنعه وَعطفه وَرَحمته فَعظم شَأْن ذَلِك عِنْدهم فَفَرِحُوا وَاسْتَبْشَرُوا وحمدوا رَبهم وتوسعوا فِي ذَلِك فَمن بلغك عَن أحد من أَئِمَّة السّلف رَحِمهم الله أَنه فَرح بِشَيْء مِمَّا أُوتِيَ أَو عظمه فَإِنَّمَا عظمه أَو فَرح بِهِ لَا من طَرِيق قدر الشَّيْء بل فرحه بتدبير الله تَعَالَى وصنعه لَهُ كَيفَ دبر لَهُ مَا قسم لَهُ فِي اللَّوْح وَلها عَمَّا سوى ذَلِك فأنعم فِيهِ النّظر كي لَا تغلط وتظن بهم ظن السوء فالزاهدون متعبدة فعبدوه بالزهد حَتَّى تقربُوا إِلَيْهِ وأعرضوا عَن الدُّنْيَا والأولياء عبيد تَعْبُدُوهُ بالعبودة وتقربوا إِلَيْهِ حَتَّى أَعرضُوا عَن النَّفس فَمن أعرض عَن الدُّنْيَا أَقَامَ الزّهْد وَمن أعرض عَن النَّفس أَقَامَ العبودة

وَعَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ بني الْإِسْلَام على عشرَة أَرْكَان أَحدهَا الْإِخْلَاص بِاللَّه تَعَالَى وَهِي الْفطْرَة وَمعنى ذَلِك أَن الْخلق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015