وَكَذَلِكَ النَّفَقَة تَأْخُذ بِالْيَدِ وتنفق بِالْأُخْرَى فَسَأَلَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ربه عز وَجل أَن يطهر قلبه من آفَات النَّفس فأجملها فَقَالَ طهر قلبِي من النِّفَاق وعملي من الرِّيَاء
رُوِيَ أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ كُنَّا نوب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يطرقه أمرا وَيَأْمُر بشئ قَالَ فَكثر أهل النوب والمحتسبون لَيْلَة حَتَّى كُنَّا نتحدث فَخرج علينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ مَا هَذِه النَّجْوَى ألم تنهوا عَن النَّجْوَى فَقُلْنَا تبنا إِلَى الله يَا رَسُول الله إِنَّا كُنَّا فِي ذكر الْمَسِيح نتخوف مِنْهُ فَقَالَ أَلا اخبركم بِمَا هُوَ أخوف عَلَيْكُم عِنْدِي من الْمَسِيح قَالَ بلَى يَا رَسُول الله قَالَ الشّرك الْخَفي رجل يعْمل لمَكَان رجل
وَقَوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ولساني من الْكَذِب فَإِن اللِّسَان يعبر بِهِ عَن مَكْنُون الْقلب وَإِذا قَالَ بِلِسَانِهِ مَا لم يكن كذبه الله تَعَالَى وَكذبه إيمَانه لِأَنَّهُ إِذا قَالَ لشَيْء لم يكن انه قد كَانَ فقد زعم أَن الله تَعَالَى خلقه وَإِذا أخبر أَنه قد كَانَ وَلم يكن الله تَعَالَى كَونه فقد افترى على الله تَعَالَى
وَلذَلِك قَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ الْكَذِب مُجَانب للْإيمَان فإيمانه فِي قلبه يكذبهُ فَسَأَلَ أَن يطهر لِسَانه من ذَلِك
وَقَوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعيني من الْخِيَانَة فخيانة الْعين المسارقة كَأَنَّهُ يُرِيد أَن يسرق مِمَّن لَا يسرق مِنْهُ ويستخفي مِمَّن لَا تخفي عَلَيْهِ لمحة فَإِنَّهُ لَا ينظر وَلكنه يلحظ سَرقَة واختلاسا لمَكَان المخلوقين وَقد غفل قلبه عَن أَن يرَاهُ أبْصر الناظرين قَالَ الله تَعَالَى يعلم خَائِنَة الْأَعْين وَمَا تخفى الصُّدُور