طابت جُنُوده وَإِذا فسد الْملك فَسدتْ جُنُوده قَالَت هَكَذَا سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ينعَت
وَالْكَلَام على ضروب مِنْهَا مَا يخلص للآخرة ويصفو فَذَاك مَنْدُوب إِلَيْهِ مَوْعُود عَلَيْهِ خير وَمِنْهَا مَا يخلص للدنيا وَلَا نصيب للآخرة فِيهِ فَذَلِك مزجور عَنهُ مَوْعُود عَلَيْهِ الوبال والعقوبة وَمِنْهَا مَا يتجارى النَّاس فِيمَا بَينهم فِي أَمر معاشهم مِمَّا لَا بُد مِنْهُ فِي الْأَخْذ والإعطاء فِي تصرفهم وأحوالهم فَذَاك مَأْذُون لَهُ فِيهِ والحساب من وَرَائه وَالنَّاس فِي أَمر دينهم على ضَرْبَيْنِ فَضرب مِنْهُم يعاملون الله تَعَالَى على الْوَظَائِف كعبيد الْغلَّة يؤدون الْغلَّة وَمَا بَقِي فَهُوَ لَهُم فقد خلى بَينهم وَبَين ذَلِك ثمَّ هم فِي تصرفهم وأحوالهم يدبرون لأَنْفُسِهِمْ ويهتمون لَهَا ويكدون ويسعون لنوائبهم وينفقون على أنفسهم وعيالهم مشاغيل الْقُلُوب والأبدان متعبون بذلك فهم على تَدْبِير أنفسهم يمضون وباختيارهم الْأُمُور يعْملُونَ وغموم ذَلِك متراكم على قُلُوبهم يَحْتَاجُونَ إِلَى توفير الْغلَّة على الْمولى وتدبير معاشهم وَمَرَمَّة أُمُور عِيَالهمْ فَهَكَذَا من يُعَامل الله تَعَالَى على هَذَا السَّبِيل عهد إِلَيْهِ ربه عز وَجل من اداء فَرَائِضه وَاجْتنَاب مَحَارمه فِي الْجَوَارِح السَّبع من جسده وَفِي مَاله ووعده على ذَلِك الْجنَّة وعَلى تضييعه أوعد النَّار قَالَ الله تَعَالَى أَوْفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون
فَهُوَ يقطع عمره بِهَذَا وَيَقْتَضِي مِنْهُ الثَّوَاب غَدا فَإِذا قدم على ربه عز وَجل حَاسبه وَحصل أُمُوره وَبلا سرائره فَإِذا وجده قد وفر حُقُوقه فِيمَا عهد إِلَيْهِ أعْتقهُ من رق الْعُبُودِيَّة وَمكن لَهُ فِي جواره مَا يكون لَهُ جَزَاء لسعيه ووفاء لكده فَهَؤُلَاءِ إِن نطقوا بِإِذْنِهِ ينطقون فَمَا صفا للآخرة فلرجاء ثَوَابه الَّذِي وعد وَمَا كَانَ للمعاش ومتصرف