إِلَيْهِ فأحبهم وبحبه أوصلهم إِلَى حبه وَقَالَ الله تَعَالَى {أَذِلَّة على الْمُؤمنِينَ أعزة على الْكَافرين}
وَلِهَذَا تفسيران تَفْسِير الْمُقْتَصِدِينَ أهل الاسْتقَامَة وَتَفْسِير الْأَوْلِيَاء أهل الْيَقِين فَأَما أهل الإستقامة فيذل عِنْد حق الْمُؤمن لحقه ويرق لَهُ ويعطف عَلَيْهِ وَيُحب لَهُ مَا يحب لنَفسِهِ ويعز على الْكَافِر بِاللَّه تَعَالَى على باطله فيقهره يجاهدون فِي سَبِيل الله وَلَا يخَافُونَ لومة لائم فَمن حبهم إِيَّاه دق شَأْن الْخلف وذمهم ومدحهم فِي جنبه
وَأما تَفْسِير أهل الْيَقِين {أعزة على الْكَافرين} يذلون عِنْد كل مَشِيئَة لله تَعَالَى فَيظْهر من الْغَيْب من احكامه عَلَيْهِم فينقادون لَهُ تَسْلِيمًا لَهُ بِلَا تلجلج ويعزون على الْبَاطِل فيمتنعون مِنْهُ حَتَّى لَا يَجدوا سَبِيلا وَلَا تَجِد النَّفس إِلَى خدعها طَرِيقا ويعزون على أَهله فَلَا يستقبلهم مضاد إِلَّا انقمع لَهُم وسلس وَلَا يخَافُونَ لومة لائم قد سقط عَن قُلُوبهم خوف سُقُوط الْمنزلَة عِنْد الْخلق وَهَذِه عقبَة عَظِيمَة من جازها فقد ولى الدُّنْيَا وَرَاء ظَهره وَرفع عَن النَّاس بَالا وهما عقبتان كئودتان فطلاب الْآخِرَة أَعرضُوا عَن الدُّنْيَا توليا عَنْهَا وَأَقْبلُوا على الْآخِرَة الا أَنهم بقوا فِي الْعقبَة الثَّانِيَة فهم حرصاء أَن يكون جاههم وقدرهم بَاقِيا عِنْد الْخلق وَأَن لَا يسقطوا من أَعينهم وَهُوَ الشَّهْوَة الْخفية الَّتِي بَكَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقيل لَهُ فِي ذَلِك فَقَالَ أخوف مَا أَخَاف عَلَيْكُم الشّرك والشهوة الْخفية